ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ [محمد: ٤] نَسَخَهَا قَوْلُهُ: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ "﴾ [التوبة: ٥] وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْسُوخٍ، وَقَدْ دَلَلْنَا عَلَى أَنَّ مَعْنَى النَّسْخِ هُوَ نَفْي حُكْمٍ قَدْ كَانَ ثَبَتَ بِحُكْمٍ آخَرَ غَيْرِهِ، وَلَمْ تَصِحَّ حُجَّةٌ بِوُجُوبِ حُكْمِ اللَّهِ فِي الْمُشْرِكِينَ بِالْقَتْلِ بِكُلِّ حَالٍ ثُمَّ نَسَخَهُ بِتَرْكِ قَتْلِهِمْ عَلَى أَخْذِ الْفِدَاءِ وَلَا عَلَى وَجْهِ الْمَنِّ عَلَيْهِمْ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْفِدَاءُ وَالْمَنُّ وَالْقَتْلُ لَمْ يَزَلْ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ مِنْ أَوَّلِ حَرْبٍ حَارَبَهُمْ، وَذَلِكَ مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، وَخُذُوهُمْ لِلْقَتْلِ أَوِ الْمَنِّ أَوِ الْفِدَاءِ وَاحْصُرُوهُمْ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَنَّى يَكُونُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَبِأَيِّ مَعْنًى