وَكُنْتُمْ أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ، فَقَدْ عَلِمَتِ الْعَرَبُ مَا كَانَ حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَمْنَعَ لِمَا وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ مِنَّا، فَقَالَ الرَّسُولُ: «يَا سَعْدُ أَتَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟» فَقَالَ: نَعَمْ أُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ سَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَادِيًا وَالنَّاسُ وَادِيًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ». وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الْأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالْإِبِلِ وَالشَّاءِ، وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟» فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: رَضِينَا عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهِ مَا قُلْنَا ذَلِكَ إِلَّا حِرْصًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ»
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ أَوْ ظِئْرُهُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ أَتَتْهُ فَسَأَلْتُهُ سَبَايَا يَوْمِ حُنَيْنٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَمْلِكُهُمْ وَإِنَّمَا لِي مِنْهُمْ نَصِيبِي، وَلَكِنِ ائْتِينِي غَدًا فَسَلِينِي وَالنَّاسُ عِنْدِي، فَإِنِّي إِذَا أَعْطَيْتُكِ نَصِيبِي أَعْطَاكِ النَّاسُ» فَجَاءَتِ الْغَدَ فَبَسَطَ لَهَا ثَوْبًا، فَقَعَدَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَاهَا نَصِيبَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّاسُ أَعْطَوْهَا أَنْصِبَاءَهُمْ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ﴾ [التوبة: ٢٥] الْآيَةَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ -[٣٩٠]- رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ، وَأَعْجَبَتْهُ كَثْرَةُ النَّاسِ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوُكِّلُوا إِلَى كَلِمَةِ الرَّجُلِ، فَانْهَزَمُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ الْعَبَّاسِ وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ وَأَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ الْأَنْصَارُ؟ أَيْنَ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ؟» فَتَرَاجَعَ النَّاسُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالنَّصْرِ، فَهَزَمُوا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ [التوبة: ٢٦] الْآيَةَ


الصفحة التالية
Icon