حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُمْ أَصَابُوا يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ آلَافِ سَبْيٍ، ثُمَّ جَاءَ قَوْمُهُمْ مُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ خَيْرُ النَّاسِ، وَأَبَرُّ النَّاسِ، وَقَدْ أَخَذْتَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عِنْدِي مَنْ تَرَوْنَ، وَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ، اخْتَارُوا إِمَّا ذَرَارِيَّكُمْ وَنِسَاءَكُمْ وَإِمَّا أَمْوَالَكُمْ» قَالُوا: مَا كُنَّا نَعْدِلُ بِالْأَحْسَابِ شَيْئًا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُونِي مُسْلِمِينَ، وَإِنَّا خَيَّرْنَاهُمْ بَيْنَ الذَّرَارِيِّ وَالْأَمْوَالِ فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالْأَحْسَابِ شَيْئًا، فَمَنْ كَانَ بِيَدِهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ فَطَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ، وَمَنْ لَا فَلْيُعْطِنَا، وَلْيَكُنْ قَرْضًا عَلَيْنَا حَتَّى نُصِيبَ شَيْئًا فَنُعْطِيَهُ مَكَانَهُ» فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ رَضِينَا وَسَلَّمْنَا. فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَدْرِي، لَعَلَّ مِنْكُمْ مَنْ لَا يَرْضَى، فَمُرُوا عُرَفَاءَكُمْ فَلْيَرْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْنَا» فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ الْعُرَفَاءُ أَنْ قَدْ رَضُوا وَسَلَّمُوا
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَعْنِي الْفِهْرِيَّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ -[٣٩٢]- النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا رَكَدَتِ الشَّمْسُ لَبِسْتُ لَأْمَتِي وَرَكِبْتُ فَرَسِي، حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ حَانَ الرَّوَاحُ، فَقَالَ: «أَجَلْ» فَنَادَى: «يَا بِلَالُ يَا بِلَالُ» فَقَامَ بِلَالٌ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ، فَأَقْبَلَ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَيْرٍ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَنَفْسِي فِدَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرِجْ فَرَسِي» فَأَخْرَجَ سَرْجًا دَفَّتَاهُ حَشْوُهُمَا لِيفٌ، لَيْسَ فِيهِمَا أَشَرٌ وَلَا بَطَرٌ. قَالَ: فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَافَفْنَاهُمْ يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، فَلَمَّا الْتَقَى الْخِيلَانِ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عِبَادَ اللَّهِ، يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ» قَالَ: وَمَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسِهِ، فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ: فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَقَدِ امْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ


الصفحة التالية
Icon