أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِيَّاهُمْ عَنَى اللَّهُ بِهَا
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ، فَلَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا أَنْزَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ؟ قَالَ: " كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَقَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [التوبة: ٣٤] الْآيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا، إِنَّمَا هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ: فَقُلْتُ إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ. قَالَ: فَارْتَفَعَ فِي ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْقَوْلُ، فَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ: أَنْ أَقْبِلْ إِلَيَّ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ رَكِبَنِي النَّاسُ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لِي: تَنَحَّ قَرِيبًا، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَنْ أَدَعَ مَا كُنْتُ أَقُولُ " حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالُوا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوَهُ
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَشْعَثَ، وَهِشَامٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ فَقَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ: " ﴿وَالَّذِينَ -[٤٣٥]- يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا هِيَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ " حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ هَذَا؟ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] قَالَ: فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ قِيلَ: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] فَأُخْرِجَتِ الْهَاءُ وَالْأَلِفُ مَخْرَجَ الْكِنَايَةِ عَنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ؟ قِيلَ: يُحْتَمَلُ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ مُرَادًا بِهَا الْكُنُوزُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ﴾ [التوبة: ٣٤] الْكُنُوزَ ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ هِيَ الْكُنُوزُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ اسْتَغْنَى بِالْخَبَرِ عَنْ إِحْدَاهُمَا فِي عَائِدِ ذِكْرِهِمَا مِنَ الْخَبَرِ عَنِ الْأُخْرَى، لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْخَبَرِ عَنِ الْأُخْرَى مِثْلُ الْخَبَرِ عَنْهَا. وَذَلِكَ كَثِيرٌ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر المنسرح]
-[٤٣٦]- نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا | عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْي مُخْتَلِفُ |
[البحر الخفيف]
إِنَّ شَرْحَ الشَّبَابِ وَالشَّعَرَ الْأَسْـ | وَدَ مَا لَمْ يُعَاصَ كَانَ جُنُونًا |