ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " لَيْسَ الْفَقِيرُ بِالَّذِي لَا مَالَ لَهُ، وَلَكِنَّ الْفَقِيرَ الْأَخْلَقُ الْكَسْبِ. قَالَ يَعْقُوبُ، قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: الْأَخْلَقُ: الْمُحَارَفُ عِنْدَنَا "
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَحِمَهُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الْأَخْلَقُ الْكَسْبِ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْفَقِيرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمِسْكِينُ أَهْلُ الْكِتَابِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ -[٥١٤]- عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: ٦٠] قَالَ: لَا تَقُولُوا لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَسَاكِينُ، إِنَّمَا الْمَسَاكِينُ مَسَاكِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْفَقِيرُ: هُوَ ذُو الْفَقْرِ أَوِ الْحَاجَةِ وَمَعَ حَاجَتِهِ يَتَعَفَّفُ عَنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ وَالتَّذَلُّلِ لَهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالْمِسْكِينُ: هُوَ الْمُحْتَاجُ الْمُتَذَلِّلُ لِلنَّاسِ بِمَسْأَلَتِهِمْ. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفَرِيقَانِ لَمْ يُعْطَيَا إِلَّا بِالْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ دُونَ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ؛ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمِسْكِينَ إِنَّمَا يُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ بِالْفَقْرِ، وَأَنَّ مَعْنَى الْمَسْكَنَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ: الذِّلَّةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ [البقرة: ٦١] يَعْنِي بِذَلِكَ الْهُونَ وَالذِّلَّةَ لَا الْفَقْرَ. فَإِذَا كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ صَنَّفَ مَنْ قَسَمَ لَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ قَسْمًا بِالْفَقْرِ فَجَعَلَهُمْ صِنْفَيْنِ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُمْ غَيْرُ الْآخَرِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ لَا شَكَّ أَنَّ الْمَقْسُومَ لَهُ بِاسْمِ الْفَقِيرِ غَيْرُ -[٥١٥]- الْمَقْسُومِ لَهُ بِاسْمِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَالْفَقِيرُ الْمُعْطَى ذَلِكَ بِاسْمِ الْفَقِيرِ الْمُطْلَقِ هُوَ الَّذِي لَا مَسْكَنَةَ فِيهِ، وَالْمُعْطَى بِاسْمِ الْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ هُوَ الْجَامِعُ إِلَى فَقْرِهِ الْمَسْكَنَةَ، وَهِيَ الذُّلُّ بِالطَّلَبِ وَالْمَسْأَلَةِ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ الْمُتَعَفِّفِ مِنْهُمُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ، وَالْمُتَذَلِّلِ مِنْهُمُ الَّذِي يَسْأَلُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ خَبَرٌ