ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتِ﴾ [التوبة: ٧٠] قَالَ: قَوْمُ لُوطٍ انْقَلَبَتْ بِهِمْ أَرْضُهُمْ، فَجُعِلَ عَالِيهَا سَافِلَهَا "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتِ﴾ [التوبة: ٧٠] قَالَ: هُمْ قَوْمُ لُوطٍ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ عَنَى بِالْمُؤْتَفِكَاتِ قَوْمَ لُوطٍ، فَكَيْفَ قِيلَ: الْمُؤْتَفِكَاتِ، فَجُمِعَتْ وَلَمْ تُوَحَّدْ؟ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ قَرْيَاتٍ ثَلَاثًا، فَجُمِعَتْ لِذَلِكَ، وَلِذَلِكَ جُمِعَتْ بِالتَّاءِ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾ [النجم: ٥٣]. فَإِنْ قَالَ: وَكَيْفَ قِيلَ: أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ وَاحِدًا؟ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَتَى كُلَّ قَرْيَةٍ مِنَ الْمُؤْتَفِكَاتِ رَسُولٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَتَكُونُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ إِلَيْهِمْ لِلدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ عَنْ رِسَالَتِهِ رُسُلًا إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ لِقَوْمٍ نُسِبُوا إِلَى أَبِي فُدَيْكٍ الْخَارِجِيِّ: الْفُدَيْكَاتُ، وَأَبُو فُدَيْكٍ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّ أَصْحَابَهُ لَمَّا نُسِبُوا إِلَيْهِ وَهُوَ رَئِيسُهُمْ دُعُوا بِذَلِكَ وَنُسِبُوا إِلَى رَئِيسِهِمْ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [التوبة: ٧٠]-[٥٥٦]- وَقَدْ يُحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَتَتْ قَوْمَ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَسَائِرِ الْأُمَمِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ رُسُلُهُمْ مِنَ اللَّهِ بِالْبَيِّنَاتِ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ [التوبة: ٧٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَمَا أَهْلَكَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَمَ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ أَهْلَكَهَا إِلَّا بِإِجْرَامِهَا وَظُلْمِهَا أَنْفُسَهَا وَاسْتِحْقَاقِهَا مِنَ اللَّهِ عَظِيمَ الْعِقَابِ، لَا ظُلْمًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَلَا وَضْعًا مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عُقُوبَةً فِي غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهَا أَهْلٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَكِيمٌ، لَا خَلَلَ فِي تَدْبِيرِهِ وَلَا خَطَأَ فِي تَقْدِيرِهِ، وَلَكِنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ حَتَّى أَسْخَطُوا عَلَيْهِمْ رَبَّهُمْ فَحَقَّ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ فَعُذِّبُوا


الصفحة التالية
Icon