حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " ﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] يَقُولُ: مُتَتَابِعِينَ يَوْمَ بَدْرٍ " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (مُرْدَفِينَ) بِنَصْبِ الدَّالِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يَقْرَؤُهُ كَذَلِكَ، وَيَقُولُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ: هُوَ مِنْ أَرْدَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَأَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَمْرٍو بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَقَالَ: إِنَّمَا الْإِرْدَافُ: أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ خَلْفَهُ قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ هَذَا فِي نَعْتِ الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِفَتْحِ الدَّالِ أَوْ بِكَسْرِهَا، فَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ جَاءَتْ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: أَرْدَفْتُهُ، وَقَالُوا: الْعَرَبُ تَقُولُ: أَرْدَفْتُهُ وَرَدِفْتُهُ، بِمَعْنَى: تَبِعْتُهُ وَأَتْبَعْتُهُ. وَاسْتُشْهِدَ لِصِحَّةِ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
إِذَا الْجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا | ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا |