حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثني الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التوبة: ٧٣] قَالَ: الْكُفَّارَ بِالْقِتَالِ، وَالْمُنَافِقِينَ: أَنْ تَغْلُظَ عَلَيْهِمْ بِالْكَلَامِ "
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ: جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَاغْلُظْ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِالْكَلَامِ، وَهُوَ مُجَاهَدَتُهُمْ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أَمَرَهُ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: " ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التوبة: ٧٣] قَالَ: جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَالْمُنَافِقِينَ بِالْحُدُودِ، أَقِمْ عَلَيْهِمْ حُدُودَ اللَّهِ "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣] قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَاهِدَ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَيَغْلُظَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي الْحُدُودِ " -[٥٦٨]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَادِ الْمُنَافِقِينَ، بِنَحْوِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ مِنْ جِهَادِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ تَرَكَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقِيمِينَ بَيْنَ أَظْهُرِ أَصْحَابِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِمْ؟ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِقِتَالِ مَنْ أَظْهَرَ مِنْهُمْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ، ثُمَّ أَقَامَ عَلَى إِظْهَارِهِ مَا أَظْهَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَنْ إِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَأَخَذَ بِهَا، أَنْكَرَهَا وَرَجَعَ عَنْهَا وَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَإِنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ بِلِسَانِهِ، أَنْ يُحْقَنَ بِذَلِكَ لَهُ دَمُهُ وَمَالُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا غَيْرَ ذَلِكَ، وَتَوَكَّلَ هُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِسَرَائِرِهِمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْخَلْقِ الْبَحْثَ عَنِ السَّرَائِرِ، فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِمْ وَاطِّلَاعِ اللَّهِ إِيَّاهُ عَلَى ضَمَائِرِهِمْ وَاعْتِقَادِ صُدُورِهِمْ، كَانَ يُقِرُّهُمْ بَيْنَ أَظْهُرِ الصَّحَابَةِ، وَلَا يَسْلُكُ بِجَهَادِهِمْ مَسْلَكَ جِهَادِ مَنْ قَدْ نَاصَبَهُ الْحَرْبَ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ إِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ قَالَ قَوْلًا كَفَرَ فِيهِ بِاللَّهِ ثُمَّ أُخِذَ بِهِ أَنْكَرَهُ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ بِلِسَانِهِ، فَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُهُ إِلَّا بِمَا أَظْهَرَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ حُضُورِهِ إِيَّاهُ وَعَزْمِهِ عَلَى إِمْضَاءِ الْحُكْمِ فِيهِ، دُونَ مَا سَلَفَ مِنْ قَوْلٍ كَانَ نَطَقَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَدُونَ اعْتِقَادِ ضَمِيرِهِ الَّذِي لَمْ يُبِحِ اللَّهُ لِأَحَدٍ الْأَخْذَ بِهِ فِي الْحُكْمِ وَتَوَلَّى الْأَخْذَ بِهِ هُوَ دُونَ خَلْقِهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاشْدُدْ عَلَيْهِمْ بِالْجِهَادِ وَالْقِتَالِ -[٥٦٩]- وَالْإِرْهَابِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ: وَمَسَاكِنُهُمْ جَهَنَّمُ وَهِيَ مَثْوَاهُمْ وَمَأْوَاهُمْ. ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: ٧٣] يَقُولُ: وَبِئْسَ الْمَكَانُ الَّذِي يُصَارُ إِلَيْهِ جَهَنَّمُ


الصفحة التالية
Icon