حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَصَدَّقُوا فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْثًا،» قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي أَرْبَعَةَ آلَافٍ: أَلْفَيْنِ أُقْرِضُهُمَا اللَّهَ، وَأَلْفَيْنِ لِعِيَالِي. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: وَإِنَّ عِنْدِي صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، صَاعًا لِرَبِّي، وَصَاعًا لِعِيَالِي، قَالَ: فَلَمَزَ الْمُنَافِقُونَ، وَقَالُوا: مَا أَعْطَى ابْنُ عَوْفٍ هَذَا إِلَّا رِيَاءً، وَقَالُوا: أَوَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ غَنِيًّا عَنْ صَاعِ هَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٧٩] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: ٧٩] قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ شَدِيدٌ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِأَرْبَعِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِيمَا أَمْسَكَ» فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا فَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَقَالَ: وَجَاءَ رَجُلٌ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجَّرْتُ نَفْسِي بِصَاعَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ بِصَاعٍ مِنْهُمَا إِلَى أَهْلِي وَجِئْتُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّ اللَّهَ غَنِيُّ عَنْ صَاعِ هَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: ٧٩]
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: " ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ -[٥٩٣]- الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: ٧٩] الْآيَةَ، وَكَانَ مِنَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، تَصَدَّقَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ أَخُو بَنِي عَجْلَانَ. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ فِي الصَّدَقَةِ وَحَضَّ عَلَيْهَا، فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَامَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ. فَلَمَزُوهُمَا وَقَالُوا: مَا هَذَا إِلَّا رِيَاءٌ، وَكَانَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِجَهْدِهِ أَبُو عَقِيلٍ، أَخُو بَنِي أُنَيْفٍ الْأَرَاشِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، أَتَى بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَأَفْرَغَهُ فِي الصَّدَقَةِ، فَتَضَاحَكُوا بِهِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيُّ عَنْ صَاعِ أَبِي عَقِيلٍ "