حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: " ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ﴾ [التوبة: ١٠٢].. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَتَخَلَّفَ أَبُو لُبَابَةَ وَخَمْسَةٌ مَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ إِنَّ أَبَا لُبَابَةَ وَرَجُلَيْنِ مَعَهُ تَفَكَّرُوا وَنَدِمُوا وَأَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، وَقَالُوا: نَكُونُ فِي الْكِنِّ وَالطُّمَأْنِينَةِ مَعَ النِّسَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَهُ فِي الْجِهَادِ؟ وَاللَّهِ لَنُوثِقَنَّ أَنْفُسَنَا بِالسَّوَارِي، فَلَا نُطْلِقُهَا حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يُطْلِقُنَا وَيَعْذُرُنَا فَانْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ وَأَوْثَقُ نَفْسَهُ، وَرَجُلَانِ مَعَهُ بِسَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَمْ يُوَثِّقُوا أَنْفُسَهُمْ. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ، وَكَانَ طَرِيقُهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ الْمُوَثِقُو أَنْفُسِهِمْ بِالسَّوَارِي؟» فَقَالُوا: هَذَا أَبُو لُبَابَةَ وَأَصْحَابٌ لَهُ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَاهَدُوا اللَّهَ أَنْ لَا يُطْلِقُوا أَنْفُسَهُمْ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تُطْلِقُهُمْ وَتَرْضَى عَنْهُمْ، وَقَدِ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ لَا أُطْلِقُهُمْ حَتَّى أُومَرَ -[٦٥٣]- بِإِطْلَاقِهِمْ، وَلَا أَعْذَرَهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ يَعْذُرُهُمْ، وَقَدْ تَخَلَّفُوا عَنِّي وَرَغِبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ غَزْوِ الْمُسْلِمِينَ وَجِهَادِهِمْ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٠٢] وَعَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ. فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ أَطْلَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَذَرَهُمْ، وَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ " وَقَالَ آخَرُونَ: الَّذِينَ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي كَانُوا ثَمَانِيَةً. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ