حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: " مَا فِي الْقُرْآنِ أَرْجَى عِنْدِي لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢].. إِلَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُعْتَرِفِينَ بِخَطَأَ فِعْلِهِمْ فِي تَخَلُّفِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكِهِمُ الْجِهَادَ مَعَهُ وَالْخُرُوجِ لِغَزْوِ الرُّومِ حِينَ شَخَصَ إِلَى تَبُوكَ، وَأَنَّ الَّذِينَ نَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ جَمَاعَةٌ أَحَدُهُمْ أَبُو لُبَابَةَ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢] فَأَخْبَرَ عَنِ اعْتِرَافِ جَمَاعَةً بِذُنُوبِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُعْتَرِفُ بِذَنَبِهِ الْمُوثِقُ نَفْسَهُ بِالسَّارِيَةِ فِي حِصَارِ قُرَيْظَةَ غَيْرَ أَبِي لُبَابَةَ وَحْدَهُ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ وَصَفَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢] بِالِاعْتِرَافِ بِذُنُوبِهِمْ جَمَاعَةً، عُلِمَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ السَّبَبِ غَيْرُ الْوَاحِدِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ إِلَّا لِجَمَاعَةٍ، وَكَانَ لَا جَمَاعَةَ فَعَلَتْ ذَلِكَ فِيمَا نَقَلَهُ أَهْلُ السَّيَرِ وَالْأَخْبَارِ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ إِلَّا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ؛ صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، وَقُلْنَا: كَانَ مِنْهُمْ أَبُو لُبَابَةَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ