حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: " ﴿لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ٨٥] قَالَ: لَا تُصِبْنَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، وَلَا بِأَيْدِيهِمْ فَيُفْتَتَنُوا، وَيَقُولُوا: لَوُ كَانُوا عَلَى حَقٍّ مَا سُلِّطْنَا عَلَيْهِمْ وَمَا عُذِّبُوا "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ٨٥] لَا تَبْتَلِنَا رَبَّنَا فَتَجْهَدَنَا وَتَجْعَلُهُ فِتْنَةً لَهُمْ هَذِهِ الْفِتْنَةُ. وَقَرَأَ: ﴿فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ﴾ [الصافات: ٦٣] قَالَ الْمُشْرِكُونَ حِينَ كَانُوا يُؤْذُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُؤْمِنِينَ، وَيَرْمُونَهُمْ: أَلَيْسَ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ، وَسُوءًا لَهُمْ؟ وَهِيَ بَلِيَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ رَغِبُوا إِلَى اللَّهِ فِي أَنْ يُجِيرَهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مِحْنَةً لِقَوْمِ فِرْعَوْنَ وَبَلَاءً، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ كَانَ لَهُمْ مَصَدَّةٌ عَنِ اتِّبَاعِ مُوسَى، وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ فِتْنَةٌ، -[٢٥٤]- وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ لَهُمْ إِبْعَادًا مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَكَذَلِكَ مِنَ الْمَصَدَّةِ كَانَ لَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ، أَنْ لَوُ كَانَ قَوْمُ مُوسَى عَاجَلَتْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِحْنَةٌ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَلِيَّةٍ تَنْزِلُ بِهِمْ، فَاسْتَعَاذَ الْقَوْمُ بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ مَعْنَى يَكُونُ صَادًا لِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عَنِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ بِأَسْبَابِهِمْ