فَإِنَّهُ مِنْ «اتَّبَعْتُ» مُشَدَّدَةُ التَّايِ غَيْرُ مَهْمُوزَةِ الْأَلِفِ. ﴿بَغْيًا﴾ [البقرة: ٩٠] عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَمَنَ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمِهِمَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿وَعَدْوًا﴾ [يونس: ٩٠]. يَقُولُ: وَاعْتَدَاءً عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَدَا فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ فِي الظُّلْمِ يَعْدُو عَلَيْهِ عَدْوًا، مِثْلُ غَزَا يَغْزُو غَزْوًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «بَغْيًا وَعَدْوًا» وَهُوَ أَيْضًا مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَدَا يَعْدُو عَدْوًا، مِثْلُ عَلَا يَعْلُو عُلُوًّا. ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ﴾ [يونس: ٩٠] يَقُولُ: حَتَّى إِذَا أَحَاطَ بِهِ الْغَرَقُ. وَفِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ قَدْ تُرِكَ ذِكْرُهُ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا فِيهِ، فَغَرَّقْنَاهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ. وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٩٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ فِرْعَوْنَ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْغَرَقِ وَأَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ: ﴿آمَنْتُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] يَقُولُ: أَقْرَرْتُ، ﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ [يونس: ٩٠] وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قِرَاءَةُ عَامَّةِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: «أَنَّهُ» بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ «أَنَّهُ» عَلَى إِعْمَالِ «آمَنْتُ» فِيهَا وَنَصْبَهَا بِهِ.


الصفحة التالية