تَغَشُّوا بِالثِّيَابِ أَوْ أَظْهَرُوا بِالْبَزَارِ، فَقَالَ: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ [هود: ٥] يَعْنِي: يَتَغَشُّونَ ثِيَابَهُمْ يَتَغَطَّونَهَا وَيَلْبِسُونَ، يُقَالُ مِنْهُ: اسْتَغْشَى ثَوْبَهُ وَتَغْشَّاهُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ [نوح: ٧] وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
[البحر البسيط]

أَرْعَى النُّجُومَ وَمَا كُلِّفْتُ رِعْيَتَهَا وَتَارَةً أَتَغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي
﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ﴾ [هود: ٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: يَعْلَمُ مَا يُسِرُّ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ بِرَبِّهِمْ، الظَّانُّونَ أَنَّ اللَّهَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا أَضْمَرَتْهُ صُدُورُهُمْ إِذَا حَنَوْهَا عَلَى مَا فِيهَا وَثَنَوْهُ، وَمَا تَنَاجَوْهُ بَيْنَهُمْ فَأَخْفُوهُ ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [هود: ٥] سَوَاءٌ عِنْدَهُ سَرَائِرُ عِبَادِهِ وَعَلَانِيَتُهُمْ ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْمٍ بِكُلِّ مَا أَخْفَتْهُ صُدُورِ خَلْقِهِ مِنْ إِيمَانٍ، وَكُفْرٍ وَحَقٍّ وَبَاطِلٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ، وَمَا تَسْتَجِنُّهُ مِمَّا لَمْ يُجِنَّهُ بَعْدُ. كَمَا
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ [هود: ٥] يَقُولُ: يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْذَرُوا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ، وَأَنْتُمْ مُضْمِرُونَ فِي صُدُورِكُمُ -[٣٢٤]- الشَّكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ تَوْحِيدِهِ أَوْ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ، أَوْ فِيمَا أَلْزَمَكُمُ الْإِيمَانَ بِهِ وَالتَّصْدِيقَ، فَتَهْلِكُوا بِاعْتِقَادِكُمْ ذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon