الَّذِي تَتْلُوهُ عَلَيْنَا مِمَّا تَقُولُ إِلَّا سِحْرٌ لِسَامِعِهِ، مُبِينٌ حَقِيقَتُهُ أَنَّهُ سِحْرٌ. وَهَذَا عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: ١١٠] ؛ وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ: «إِنْ هَذَا إِلَّا سَاحِرٌ مُبِينٌ» فَإِنَّهُ يُوَجِّهُ الْخَبَرَ بِذَلِكَ عَنْهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ وَصَفُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ سَاحِرٌ مُبِينٌ. وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَابَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ الْعَذَابَ، فَلَمْ نُعَجِّلْهُ لَهُمْ، وَأَنْسَأْنَا فِي آجَالِهِمْ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ، وَوَقْتٍ مَحْدُودٍ وَسِنِينَ مَعْلُومَةٍ. وَأَصْلُ الْأُمَّةِ مَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّهَا الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ تَجْتَمِعُ عَلَى مَذْهَبٍ وَدِينٍ، ثُمَّ تُسْتَعْمَلُ فِي مُعَانٍ كَثِيرَةٍ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْتُ. وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْسِنِينَ الْمَعْدُودَةِ وَالْحِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَنَحْوِهِ أُمَّةٌ، لِأَنَّ فِيهَا تَكُونُ الْأُمَّةُ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى مَجِيءِ أُمَّةٍ