الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [هود: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَاكَ حُجَّةً عَلَى حَقِيقَةِ مَا أَتَيْتَهُمْ بِهِ وَدَلَالَةً عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِكَ، هَذَا الْقُرْآنُ مِنْ سَائِرِ الْآيَاتِ غَيْرِهِ، إِذْ كَانَتِ الْآيَاتُ إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ أُعْطِيَهَا دَلَالَةً عَلَى صِدْقِهِ، لِعَجْزِ جَمِيعِ الْخَلْقِ عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهَا، وَهَذَا الْقُرْآنُ جَمِيعُ الْخَلْقِ عَجَزَةٌ عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ. فَإِنْ هُمْ قَالُوا: افْتَرَيْتَهُ: أَيِ اخْتَلَقْتَهُ وَتَكَذَّبْتَهُ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ مَا ذَكَرْنَا قَوْلُهُ: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [يونس: ٣٨] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَيَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [يونس: ٣٨] أَيْ أَيَقُولُونَ افْتُرَاهُ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى سَبَبِ إِدْخَالِ الْعَرَبِ «أَمْ» فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقُلْ لَهُمْ: يَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ مُفْتَرَيَاتٍ، يَعْنِي مُفْتَعَلَاتٍ مُخْتَلَقَاتٍ، إِنْ كَانَ مَا أَتَيْتُكُمْ بِهِ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ مُفْتَرًى، وَلَيْسَ بِآيَةٍ مُعْجِزَةٍ كَسَائِرِ