ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ الْسَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ [هود: ٢٠] صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ فَمَا يَسْمَعُونَهُ، بُكْمٌ فَمَا يَنْطِقُونَ بِهِ، عُمْيٌ فَلَا يُبْصِرُونَهُ، وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ [هود: ٢٠] قَالَ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا خَبَرًا فَيَنْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا يُبْصِرُوا خَيْرًا فَيَأْخُذُوا بِهِ "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَخْبَرَ اللَّهُ، سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾ [هود: ٢٠] وَهِيَ طَاعَتُهُ، ﴿وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ [هود: ٢٠] وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً﴾ [القلم: ٤٣] " وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ [هود: ٢٠] آلِهَةٍ، الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: أُولَئِكَ وَآلِهَتُهُمْ لَمْ يَكُونُوا -[٣٧٢]- مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ، ﴿يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ [هود: ٢٠] يَعْنِي الْآلِهَةَ أَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ. هَذَا قَوْلٌ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ كَرِهْتُ ذِكْرَهُ لِضَعْفِ سَنَدِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ، وَلَا يَسْمَعُونَهُ، وَبِمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ، وَلَا يَتَأَمَّلُونَ حُجَجَ اللَّهِ بِأَعْيُنِهِمْ، فَيَعْتَبِرُوا بِهَا. قَالُوا: وَالْبَاءُ كَانَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَدْخُلَ، لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: ١٠] بِكَذِبِهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ التَّنْزِيلِ أُدْخِلَتْ فِيهِ الْبَاءُ، وَسُقُوطُهَا جَائِزٌ فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِكَ فِي الْكَلَامِ: لَأَجْزِيَنَّكَ مَا عَمِلْتَ وَبِمَا عَمِلْتَ، وَهَذَا قَوْلٌ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ، مِنْ أَنَّ اللَّهَ وَصَفَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ، بِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا الْحَقَّ سَمَاعَ مُنْتَفِعٍ، وَلَا يُبْصِرُونَهُ إِبْصَارَ مُهْتَدٍ، لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْكُفْرِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مُقِيمِينَ، عَنِ اسْتِعْمَالِ جَوَارِحِهِمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ