الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ [هود: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: حَقًّا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ، الَّذِينَ قَدْ بَاعُوا مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجِنَانِ بِمَنَازِلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ النَّارِ؛ وَذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ، جَرَمْتُ: كَسَبْتُ الذَّنْبَ، وَأَجْرَمْتُهُ، أَنَّ الْعَرَبَ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا إِيَّاهُ فِي مَوَاضِعِ الْأَيْمَانِ، وَفِي مَوَاضِعَ «لَا بُدَّ» كَقَوْلِهِمْ: لَا جَرَمَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ، بِمَعْنَى: لَا بُدَّ، حَتَّى اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِ التَّحْقِيقِ فَقَالُوا: لَا جَرَمَ لَيَقُومَنَّ، بِمَعْنَى: حَقًّا لَيَقُومَنَّ، فَمَعْنَى الْكَلَامِ: لَا مَنَعَ عَنْ أَنَّهُمْ، وَلَا صَدَّ عَنْ أَنَّهُمْ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [هود: ٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعَمِلُوا فِي الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ. -[٣٧٤]- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْإِخْبَاتِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَأَنَابُوا إِلَى رَبِّهِمْ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ