حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ [هود: ٢٣] الْإِخْبَاتُ: التَّخَشُّعُ وَالتَّوَاضُعُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهَا؛ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ إِلَى اللَّهِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ، وَمِنَ الْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ إِلَيْهِ مِنَ الْخُشُوعِ لَهُ، غَيْرَ أَنَّ نَفْسَ الْإِخْبَاتِ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ. وَقَالَ: ﴿إِلَى رَبِّهِمْ﴾ [هود: ٢٣] وَمَعْنَاهُ: أَخْبَتُوا لِرَبِّهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَضَعُ اللَّامَ مَوْضِعَ «إِلَى» و «إِلَى» مَوْضِعَ اللَّامِ كَثِيرًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] بِمَعْنَى: أَوْحَى إِلَيْهَا. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ وُصِفُوا بِأَنَّهُمْ -[٣٧٦]- عَمَدُوا بِإِخْبَاتِهِمْ إِلَى اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨٢] يَقُولُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، هُمْ سُكَّانُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ لَا يَخْرُجُونَ عَنْهَا، وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَلَكِنَّهُمْ فِيهَا لَابِثُونَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ


الصفحة التالية
Icon