اتَّبَعُونِي وَآمَنُوا بِاللَّهِ وَوَحَّدُوهُ الَّذِينَ تَسْتَحْقِرُهُمْ أَعْيُنُكُمْ، وَقُلْتُمْ إِنَّهُمْ أَرَاذِلُكُمْ: لَنْ يُؤْتِيَكُمُ اللَّهُ خَيْرًا، وَذَلِكَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ. ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [هود: ٣١] يَقُولُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِضَمَائِرِ صُدُورِهِمْ، وَاعْتِقَادِ قُلُوبِهِمْ، وَهُوَ وَلِيُّ أَمْرِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لِي مِنْهُمْ مَا ظَهَرَ وَبَدَا، وَقَدْ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَاتَّبَعُونِي، فَلَا أَطْرُدُهُمْ وَلَا أَسْتَحِلُّ ذَلِكَ. ﴿إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ٣١] يَقُولُ: إِنِّي إِنْ قُلْتُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَتَصْدِيقِي: لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا، وَقَضَيْتُ عَلَى سَرَائِرِهِمْ، بِخِلَافِ مَا أَبْدَتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ لِي عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنِّي بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ، وَطَرَدْتُهُمْ بِفِعْلِي ذَلِكَ، لَمِنَ الْفَاعِلِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ فِعْلُهُ الْمُعْتَدِينَ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الظُّلْمُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: " ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ [هود: ٣١] الَّتِي لَا يَفْنِيهَا شَيْءٌ، فَأَكُونُ إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ لِتَتَّبِعُونِي عَلَيْهَا لِأُعْطِيَكُمْ مِنْهَا. ﴿وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [هود: ٣١] نَزَلَتُ مِنَ السَّمَاءِ بِرِسَالَةٍ، مَا أَنَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. ﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ [الأنعام: ٥٠] وَلَا أَقُولُ اتَّبِعُونِي عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا -[٣٨٨]- بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [هود: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ قَوْمُ نُوحٍ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَدْ خَاصَمْتَنَا فَأَكْثَرْتَ خُصُومَتَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا مِنَ الْعَذَابِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِي عِدَاتِكَ، وَدَعْوَاكَ أَنَّكَ لِلَّهِ رَسُولٌ. يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ