الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [هود: ٣٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَوْحَى اللَّهُ ﴿إِلَى نُوحٍ﴾ [النساء: ١٦٣] لَمَّا حَقَّ عَلَى قَوْمِهِ الْقَوْلُ وَأَظَلَّهُمْ أَمْرُ اللَّهِ، ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ﴾ [هود: ٣٦] يَا نُوحُ بِاللَّهِ، فَيُوَحِّدُهُ وَيَتَّبِعُكَ عَلَى مَا تَدَعُوهُ إِلَيْهِ ﴿مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦] فَصَدَّقَ بِذَلِكَ وَاتَّبَعَكَ. ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ [هود: ٣٦] يَقُولُ: فَلَا تَسْتَكِنْ، وَلَا تَحْزَنْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، فَإِنِّي مُهْلِكُهُمْ، وَمُنْقِذُكَ مِنْهُمْ، وَمَنْ اتَّبَعَكَ. وَأَوْحَى اللَّهُ ذَلِكَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَا دَعَا عَلَيْهِمْ نُوحٌ بَالْهَلَاكِ، فَقَالَ: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] وَهُوَ تَفْتَعِلْ مِنَ الْبُؤْسِ، يُقَالُ: ابْتَأَسَ فُلَانٌ بِالْأَمْرِ يَبْتَئِسُ ابْتِئَاسًا، كَمَا قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ:
[البحر الكامل]

فِي مَأْتَمٍ كَنِعَاجِ صَا رَةَ يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينَا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي -[٣٩١]- نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ [هود: ٣٦] قَالَ: لَا تَحْزَنْ " حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ


الصفحة التالية
Icon