فِيهِمَا جَمِيعًا، مِنْ جَرَى وَرَسَا؛ كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ فِي حَالِ جَرْيِهَا وَحَالِ رُسُوِّهَا، وَجَعَلَ كِلْتَا الصِّفَتَيْنِ لِلْفُلْكِ كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:
[البحر الكامل]
فَصَبَرْتُ نَفْسًا عِنْدَ ذَلِكَ حُرَّةً | تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الْجَبَانِ تَطَلَّعُ |
وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي نَخْتَارُهَا فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ:
﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا﴾ [هود: ٤١] بِفَتْحِ الْمِيمِ
﴿وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١] بِضَمِّ الْمِيمِ، بِمَعْنَى: بِسْمِ اللَّهِ حِينَ تَجْرِي وَحِينَ تَرْسِي. وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ الْفَتْحَ فِي مِيمِ
«مَجْراهَا» لِقُرْبِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ:
﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ﴾ [هود: ٤٢] وَلَمْ يَقُلْ: تُجْرِي بِهِمْ. وَمَنْ قَرَأَ:
«بِسْمِ اللَّهِ مُجْرَاهَا» كَانَ الصَّوَابُ عَلَى قِرَاءَتِهِ أَنْ يَقْرَأَ: وَهِيَ تُجْرِي بِهِمْ. وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى قِرَاءَةِ
«تَجْرِي» بِفَتْحِ التَّاءِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ فِي
«مَجْراهَا» فَتْحُ الْمِيمِ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الضَّمَّ فِي
«مُرْسَاهَا» لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى ضَمِّهَا. وَمَعْنَى قَوْلِهِ
﴿مَجْراهَا﴾ [هود: ٤١] مَسِيرَهَا
﴿وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١] وَقْفَهَا، مِنْ وَقَفَهَا اللَّهُ وَأَرْسَاهَا. وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقْرَأُ ذَلِكَ بِضَمِّ الْمِيمِ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:
«بِسْمِ اللَّهِ مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا» قَالَ: حِينَ يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيُرْسُونَ