حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ: " دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِيهِمْ فَيَقُولُ: وَيْحَكُمْ أَنْهَاكُمْ عَنِ اللَّهِ أَنْ تَعَرَّضُوا لِعُقُوبَتِهِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ لِمَحِلِّ عَذَابِهِمْ، وَسَطَوَاتِ الرَّبِّ بِهِمْ، قَالَ: فَانْتَهَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى لُوطٍ، وَهُوَ يَعْمَلُ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الضِّيَافَةِ، فَقَالُوا: إِنَّا مُضَيِّفُوكَ اللَّيْلَةَ. وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى عَهِدَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ لُوطٌ ثَلَاثَ شَهَادَاتٍ؛ فَلَمَّا تَوَجَّهَ بِهِمْ لُوطٌ إِلَى الضِّيَافَةِ، ذَكَرَ مَا يَعْمَلُ قَوْمُهُ مِنَ الشَّرِّ، وَالدَّوَاهِي الْعِظَامِ، فَمَشَى مَعَهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرًّا مِنْهُمْ، أَيْنَ أَذْهَبُ بِكُمْ؟ إِلَى قَوْمِي، وَهُمْ شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ فَالْتَفَتَ جَبْرَئِيلُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: احْفَظُوا هَذِهِ -[٥٢٢]- وَاحِدَةً ثُمَّ مَشَى سَاعَةً؛ فَلَمَّا تَوَسَّطَ الْقَرْيَةَ، وَأَشْفَقَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَحْيَا مِنْهُمْ، قَالَ: أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ وَمَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرًّا مِنْهُمْ، إِنَّ قَوْمِي شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ فَالْتَفَتَ جَبْرَئِيلُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ: احْفَظُوا هَاتَانِ ثِنْتَانِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الدَّارِ بَكَى حَيَاءً مِنْهُمْ، وَشَفَقَةً عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ، أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَهْلَ قَرْيَةٍ شَرًّا مِنْهُمْ فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلْمَلَائِكَةِ: احْفَظُوا هَذِهِ ثَلَاثٌ قَدْ حَقَّ الْعَذَابُ. فَلَمَّا دَخَلُوا ذَهَبَتْ عَجُوزَةٌ، عَجُوزُ السُّوءِ، فَصَعِدَتْ فَلَوَّحَتْ بِثَوْبِهَا، فَأَتَاهَا الْفُسَّاقُ يُهْرَعُونَ سِرَاعًا، قَالُوا: مَا عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: ضَيَّفَ لُوطٌ اللَّيْلَةَ قَوْمًا مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ وجُوهًا مِنْهُمْ، وَلَا أَطْيَبَ رِيحًا مِنْهُمْ فَهُرِعُوا مُسَارِعِينَ إِلَى الْبَابِ، فَعَاجَلَهُمْ لُوطٌ عَلَى الْبَابِ، فَدَافَعُوهُ طَوِيلًا، هُوَ دَاخِلٌ وَهُمْ خَارِجٌ، يُنَاشِدُهُمُ اللَّهَ وَيَقُولُ: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [هود: ٧٨] فَقَامَ الْمَلَكُ فَلَزَّ الْبَابَ، يَقُولُ: فَسَدَّهُ، وَاسْتَأْذَنَ جَبْرَئِيلُ فِي عُقُوبَتِهِمْ، فَأَذِنَ اللَّهُ لَهُ، فَقَامَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِي السَّمَاءِ، فَنَشَرَ جَنَاحَهُ، وَلِجَبْرَئِيلَ جَنَاحَانِ، وَعَلَيْهِ وِشَاحٌ مِنْ دُرٍّ مَنْظُومٍ، وَهُوَ بَرَّاقُ الثَّنَايَا أَجْلَى الْجَبِينِ، وَرَأْسُهُ حُبُّكٌ حُبُّكٌ، مِثْلُ الْمَرْجَانِ وَهُوَ -[٥٢٣]- اللُّؤْلُؤُ، كَأَنَّهُ الثَّلْجُ، وَقَدَمَاهُ إِلَى الْخَضِرَةِ، فَقَالَ: ﴿يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ [هود: ٨١] امْضِ يَا لُوطُ مِنَ الْبَابِ وَدَعْنِي وَإِيَّاهُمْ فَتَنَحَّى لُوطٌ عَنِ الْبَابِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَنَشَرَ جَنَاحَهُ، فَضَرَبَ بِهِ وجُوهَهُمْ ضَرْبَةً شَدَخَ أَعْيُنَهُمْ فَصَارُوا عُمْيًا لَا يَعْرِفُونَ الطَّرِيقَ، وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى بُيُوتِهِمْ. ثُمَّ أَمَرَ لُوطًا فَاحْتَمَلَ بِأَهْلِهِ مِنْ لَيْلَتِهِ، قَالَ: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: ٨١] "