فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا: وَلَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خَلَّفَهُمُ اللَّهُ عَنِ التَّوْبَةِ، فَأَرْجَأَهُمْ عَمَّنْ تَابَ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَمَا
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَمَّنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] قَالَ: خُلِّفُوا عَنِ التَّوْبَةِ "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَمَا قَوْلُهُ: " ﴿خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨] فَخُلِّفُوا عَنِ التَّوْبَةِ " ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ: بِسِعَتِهَا غَمًّا وَنَدَمًا عَلَى تَخَلُّفِهِمْ عَنِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ [التوبة: ١١٨] بِمَا نَالَهُمْ مِنَ الْوَجْدِ وَالْكَرْبِ بِذَلِكَ ﴿وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ: وَأَيْقَنُوا بِقُلُوبِهِمَ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُمْ يَلْجَئُون إِلَيْهِ مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مِنَ الْبَلَاءِ بِتَخَلُّفِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْجِيهِمْ مِنْ كَرْبِهِ، وَلَا مِمَّا يَحْذَرُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَّا اللَّهَ. ثُمَّ رَزَقَهُمُ الْإِنَابَةَ إِلَى طَاعَتِهِ، وَالرُّجُوعَ إِلَى مَا يُرْضِيهِ عَنْهُمْ، لِيَنِيبُوا إِلَيْهِ وَيَرْجِعُوا إِلَى طَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: ١١٨] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْوَهَّابُ لِعِبَادِهِ الْإِنَابَةَ إِلَى طَاعَتِهِ الْمُوَفَّقُ مَنْ أَحَبَّ تَوْفِيقَهُ مِنْهُمْ لِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُ، الرَّحِيمُ بِهِمْ أَنْ يُعَاقبَهُمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ، أَوْ يَخْذُلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ التَّوْبَةَ وَالْإِنَابَةَ وَلَا يَتُوبُ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.


الصفحة التالية
Icon