حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، يَعْنِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، " ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ قَالَ: وَمَشِيئَتُهُ خُلُودُهُمْ فِيهَا، ثُمَّ أَتْبَعَهَا فَقَالَ: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] " وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ الِاسْتِثَنَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَجْعَلَهُ اسْتِثَنَاءً يَسْتَثْنِيهِ وَلَا يَفْعَلُهُ، كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّكَ إِلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، وَعَزْمُكَ عَلَى ضَرْبِهِ، قَالَ: فَكَذَلِكَ قَالَ: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ وَلَا يَشَاؤُهُ. قَالَ: وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا اسْتَثْنَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مَعَ مِثْلِهِ، وَمَعَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ كَانَ مَعْنَى إِلَّا وَمَعْنَى الْوَاوِ «سِوَى» فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ سِوَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ زِيَادَةِ الْخُلُودِ، فَيُجْعَلُ «إِلَّا» مَكَانَ «سِوَى» فَيَصْلُحُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ سِوَى