يَفْتَعِلْ» مِنَ الرَّعَيِ: ارْتَعَيْتُ فَأَنَا أَرْتَعِي. كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَى: أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعِ الْإِبِلَ، وَيَلْعَبْ. ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [يوسف: ١٢] وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعِ وَيَلْعَبْ) بِالْيَاءِ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا وَتَسْكِينِ الْعَيْنِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَتَعْ فُلَانٌ فِي مَالِهِ: إِذَا لَهَى فِيهِ وَنَعِمَ وَأَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلِهِمْ فِي مَثَلٍ مَنَ الْأَمْثَالِ: «الْقَيْدُ وَالرَّتَعَةُ» ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْقُطَامِيِّ:
[البحر الوافر]
أَكُفْرًا بَعْدَ رَدِّ الْمَوْتِ عَنِّي | وَبَعْدَ عَطَائِكَ الْمِئَةَ الرِّتَاعَا |
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: " كَانَ أَبُو عَمْرٍو يَقْرَأُ: «نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ» بِالنُّونِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي عَمْرٍو: كَيْفَ يَقُولُونَ نَلْعَبُ وَهُمْ أَنْبِيَاءٌ؟ قَالَ: لَمْ يَكُونُوا يَوْمَئِذٍ أَنْبِيَاءً «وَأَوْلَى الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ فِي الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا بِالْيَاءِ، وَبِجَزْمِ الْعَيْنِ فِي» يَرْتَعْ ". لِأَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا سَأَلُوا إِيَّاهُمْ إِرْسَالَ يُوسُفَ مَعَهُمْ، وَخَدَعُوهُ بِالْخَبَرِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ إِيَّاهُ ذَلِكَ عَمَّا لِيُوسُفَ فِي إِرْسَالِهِ مَعَهُمْ -[٢٦]- مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ، وَالنَّشَاطِ بِخُرُوجِهِ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَفُسْحَتِهَا وَلِعْبِهِ هُنَالِكَ، لَا بِالْخَبَرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. وَبِذَلِكَ أَيْضًا جَاءَ تَأْوِيلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: