ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ [الرعد: ١] قَالَ: «الْقُرْآنُ»
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ [الرعد: ١] «أَيْ هَذَا الْقُرْآنُ». وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ١] وَجْهَانِ مِنَ الْإِعْرَابِ: أَحَدُهُمَا الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، فَيَكُونُ مَرْفُوعًا بِ «الْحَقُّ» وَ «الْحَقُّ بِهِ» وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَأْوِيلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةُ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ عَنْهُمَا، وَالْآخَرُ: الْخَفْضُ عَلَى الْعَطْفِ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: تِلْكَ آيَاتُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ الْحَقُّ بِمَعْنَى: ذَلِكَ الْحَقِّ، فَيَكُونُ رَفْعُهُ بِمُضْمَرٍ مِنَ الْكَلَامِ قَدِ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَوْ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ، وَإِنَّمَا أُدْخِلَتِ الْوَاوُ فِي «وَالَّذِي»، وَهُوَ نَعْتٌ لِلْكِتَابِ، كَمَا أَدْخَلَهَا الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:
[البحر المتقارب]

إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ
فَعَطَفَ بِالْوَاوِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ صِفَةِ وَاحِدٍ، كَانَ مَذْهَبًا مِنَ التَّأْوِيلِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ إِذَا تُؤَوَّلُ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي «الْحَقُّ» الْخَفْضُ، عَلَى أَنَّهُ -[٤٠٨]- نَعْتٌ لِـ «الَّذِي»


الصفحة التالية
Icon