ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا آدَمُ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ قَالَ: «السَّمَاءُ مُقَبَّبَةٌ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ الْقُبَّةِ»
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: ٢] قَالَ: «رَفَعَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ فَهِيَ مَرْفُوعَةٌ بِغَيْرِ عَمَدٍ نَرَاهَا، كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلَا خَبَرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا حُجَّةَ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا بِقَوْلٍ سِوَاهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤] فَإِنَّهُ يَعْنِي: عَلَا عَلَيْهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ وَاخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَالصَّحِيحَ مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا قَالُوا فِيهِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ [الرعد: ٢] يَقُولُ: وَأَجْرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي السَّمَاءِ فَسَخَّرَهُمَا فِيهَا لِمَصَالِحِ خَلْقِهِ، وَذَلَّلَهُمَا لِمَنَافِعِهِمْ، لِيَعْلَمُوا بِجَرْيِهِمَا فِيهَا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ، وَيَفْصِلُوا بِهِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
وَقَوْلُهُ: ﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الرعد: ٢] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كُلُّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي السَّمَاءِ لِأَجَلٍ مُسَمًّى: أَيْ لِوَقْتِ مَعْلُومٍ، وَذَلِكَ إِلَى فَنَاءِ الدُّنْيَا وَقِيَامِ -[٤١٢]- الْقِيَامَةِ الَّتِي عِنْدَهَا تُكَوَّرُ الشَّمْسُ، وَيُخْسَفُ الْقَمَرُ، وَتَنْكَدِرُ النُّجُومُ، وَحُذِفَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ لِفَهْمِ السَّامِعِينَ مِنْ أَهْلِ لِسَانِ مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ الْقُرْآنُ مَعْنَاهُ، وَأَنَّ «كُلٌّ» لَا بُدَّ لَهَا مِنْ إِضَافَةٍ إِلَى مَا تُحِيطُ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ ﴿لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الرعد: ٢] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ