وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ لَذُو سِتْرٍ عَلَى ذُنُوبِ مَنْ تَابَ مِنْ ذُنُوبِهِ مِنَ النَّاسِ، فَتَارِكٌ فَضِيحَتَهُ بِهَا فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، وَصَافِحٌ لَهُ عَنْ عِقَابِهِ عَلَيْهَا عَاجِلًا وَآجِلًا ﴿عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد: ٦]، يَقُولُ: عَلَى فِعْلِهِمْ مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَهُمْ بِفِعْلِهِ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرعد: ٦] لِمَنْ هَلَكَ مُصِرًّا عَلَى مَعَاصِيهِ فِي الْقِيَامَةِ، إِنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، أَوْ يَجْمَعُهُمَا لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذَا الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ظَاهِرُ خَيْرٍ، فَإِنَّهُ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ وَتَهْدِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنْ هُمْ لَمْ يُنِيبُوا وَيَتُوبُوا مِنْ كُفْرِهِمْ قَبْلَ حُلُولِ نِقْمَةِ اللَّهِ بِهِمْ
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ﴾ [الرعد: ٦] يَقُولُ: وَلَكِنَّ رَبَّكَ "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الرعد: ٧] يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَوْمِكَ، ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [يونس: ٢٠] هَلَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ يَعْنُونَ: عَلَامَةً وَحُجَّةً لَهُ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ، أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ [هود: ١٢] يَقُولُ اللَّهُ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ [الرعد: ٧] لَهُمْ، تُنْذِرْهُمْ بَأْسَ اللَّهِ أَنْ