وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: إِنَّمَا هِيَ مَلَائِكَةٌ مُعَقِّبَةٌ، ثُمَّ جُمِعَتْ مُعَقِّبَاتٌ، فَهُوَ جَمْعُ جَمْعٍ، ثُمَّ قِيلَ: يَحْفَظُونَهُ، لِأَنَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُنَا فِي مَعْنَى الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِبِ بِالنَّهَارِ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ فِي ذَلِكَ فَقَوْلٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَجْهٌ خِلَافٌ لِقَوْلِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَحَسَبُهُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى فَسَادِهِ خُرُوجُهُ عَنْ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ، وَأَمَّا الْمُعَقِّبَاتُ، فَإِنَّ التَّعْقِيبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْعَوْدُ بَعْدَ الْبَدْءِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الشَّيْءِ بَعْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ [النمل: ١٠] : أَيْ لَمْ يَرْجِعْ، وَكَمَا قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
[البحر البسيط]
وَكَرُّنَا الْخَيْلَ فِي آثَارِهِمْ رُجُعًا | كُسَّ السَّنَابِكِ مِنْ بَدْءٍ وَتَعْقِيبِ |
[البحر الرمل]
وَلَقَدْ كُنْتُ عَلَيْكُمْ عَاتِبًا | فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرِ مُرِّ |
[البحر الكامل]