قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: " إِنَّ رَبَّكَ أَخَذَ لُؤْلُؤَةً فَوَضَعَهَا عَلَى رَاحَتَيْهِ، ثُمَّ دَمْلَجَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ غَرَسَهَا وَسَطَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: امْتَدِّي حَتَّى تَبْلُغِي مَرْضَاتِي فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ تَفَجَّرَتْ مِنْ أُصُولِهَا أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَهِيَ طُوبَى "
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: ثني عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا يَقُولُ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا طُوبَى، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، زَهْرُهَا رِيَاطٌ، وَوَرَقُهَا بُرُودٌ، وَقُضْبَانُهَا عَنْبَرٌ، وَبَطْحَاؤُهَا يَاقُوتٌ، وَتُرَابُهَا كَافُورٌ، وَوَحْلُهَا مِسْكٌ، يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارُ الْخَمْرِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ، وَهِيَ مَجْلِسٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، فَبَيْنَا هُمْ فِي مَجْلِسِهِمْ إِذْ أَتَتْهُمْ مَلَائِكَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، يَقُودُونَ نُجُبًا مَزْمُومَةً بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ، وُجُوهُهَا كَالْمَصَابِيحِ مِنْ حُسْنِهَا، وَبَرُهَا كَخَزِّ الْمِرْعَزَّيِّ مِنْ لِينِهِ، عَلَيْهَا رِحَالٌ أَلْوَاحُهَا مِنْ يَاقُوتٍ، وَدُفُوفُهَا مِنْ ذَهَبٍ، -[٥٢٦]- وَثِيَابُهَا مِنْ سُنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقٍ، فَيُنِيخُونَهَا وَيَقُولُونَ: إِنَّ رَبَّنَا أَرْسَلَنَا إِلَيْكُمْ لِتَزُورُوهُ وَتُسَلِّمُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَيَرْكَبُونَهَا، قَالَ: فَهِيَ أَسْرَعُ مِنَ الطَّائِرِ، وَأَوْطَأُ مِنَ الْفِرَاشِ نُجُبًا مِنْ غَيْرِ مِهْنَةٍ، يَسِيرُ الرَّجُلُ إِلَى جَنْبِ أَخِيهِ وَهُوَ يُكَلِّمُهُ وَيُنَاجِيهِ، لَا تُصِيبُ أُذُنُ رَاحِلَةٍ مِنْهَا أُذُنَ صَاحِبَتِهَا، وَلَا بَرَكُ رَاحِلَةٍ بَرَكَ صَاحِبَتِهَا، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَتَنَحَّى عَنْ طُرُقِهِمْ لِئَلَّا تُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَخِيهِ. قَالَ: فَيَأْتُونَ إِلَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَيُسْفِرُ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَوْهُ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَحُقَّ لَكَ الْجَلَالُ وَالْإِكْرَامُ. قَالَ: فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ: أَنَا السَّلَامُ، وَمِنِّي السَّلَامُ، وَعَلَيْكُمْ حَقَّتْ رَحْمَتِي وَمَحَبَّتِي، مَرْحَبًا بِعِبَادِي الَّذِينَ خَشَوْنِي بِغَيْبٍ وَأَطَاعُوا أَمْرِي قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا إِنَّا لَمْ نَعْبُدْكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَلَمْ نُقَدِّرْكَ حَقَّ قَدْرِكَ، فَأْذَنْ لَنَا بِالسُّجُودِ قُدَّامَكَ قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ نَصَبٍ وَلَا عِبَادَةٍ، وَلَكِنَّهَا دَارُ مُلْكٍ وَنَعِيمٍ، وَإِنِّي قَدْ رَفَعْتُ عَنْكُمْ نَصَبَ الْعِبَادَةِ، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أُمْنِيَّتُهُ فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى إِنَّ أَقْصَرَهُمْ أُمْنِيَّةً لَيَقُولُ: رَبِّ تَنَافَسَ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ فَتَضَايَقُوا فِيهَا، رَبِّ فَأْتِنِي كُلَّ شَيْءٍ كَانُوا فِيهِ مِنْ يَوْمِ خَلَقْتَهَا إِلَى أَنِ انْتَهَتِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ اللَّهُ: لَقَدْ قَصَّرَتْ بِكَ الْيَوْمَ أُمْنِيَّتُكَ، وَلَقَدْ سَأَلْتَ دُونَ مَنْزِلَتِكَ، هَذَا لَكَ مِنِّي، وَسَأُتْحِفُكَ بِمَنْزِلَتِي، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عَطَائِي نَكَدٌ وَلَا تَصْرِيدٌ، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: اعْرِضُوا عَلَى عِبَادِي مَا لَمْ تَبْلُغْ أَمَانِيُّهُمْ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُمْ عَلَى بَالٍ قَالَ: فَيُعْرَضُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُقْضُوهُمْ أَمَانِيَّهُمُ الَّتِي فِي أَنْفُسِهِمْ، فَيَكُونُ فِيمَا يُعْرَضُونَ عَلَيْهِمْ بَرَاذِينُ مُقَرَّنَةٌ، عَلَى كُلِّ أَرْبَعَةٍ مِنْهَا سَرِيرٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ مِنْهَا قُبَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ مُفْرَغَةٌ، فِي كُلِّ قُبَّةٍ مِنْهَا فُرُشٌ مِنْ فُرُشِ الْجَنَّةِ مُظَاهَرَةً، فِي كُلِّ قُبَّةٍ مِنْهَا جَارِيَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، عَلَى كُلِّ جَارِيَةٍ مِنْهُنَّ ثَوْبَانِ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ لَوْنٌ إِلَّا وَهُوَ -[٥٢٧]- فِيهِمَا، وَلَا رِيحٌ طَيِّبَةٌ إِلَّا قَدْ عُبِّقَتَا بِهِ، يَنْفُذُ ضَوْءُ وجُوهِهِمَا غِلَظَ الْقُبَّةِ، حَتَّى يَظُنَّ مَنْ يَرَاهُمَا أَنَّهُمَا مِنْ دُونِ الْقُبَّةِ يُرَى مُخُّهُمَا مِنْ فَوْقِ سُوقِهِمَا كَالسِّلْكِ الْأَبْيَضِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، يَرَيَانِ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ عَلَى صَحَابَتِهِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَى الْحِجَارَةِ أَوْ أَفْضَلُ، وَيَرَى هُوَ لَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ يَدْخُلُ إِلَيْهِمَا فَيُحَيِّيَانِهِ وَيُقَبِّلَانِهِ وَيُعَانِقَانِهِ، وَيَقُولَانِ لَهُ: وَاللَّهِ مَا ظَنَنَّا أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ مِثْلَكَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَيَسِيرُونَ بِهِمْ صَفًّا فِي الْجَنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى مَنْزِلَتِهِ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُ "