بِقَوْلِهِ: أَلَمْ تَيْأَسُوا: أَلَمْ تَعْلَمُوا وَأَنْشَدُوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ:
[البحر الطويل]
أَلَمْ يَيْأَسِ الْأَقْوَامُ أَنِّي أَنَا ابْنُهُ | وَإِنْ كُنْتُ عَنْ أَرْضِ الْعَشِيرَةِ نَائِيَا |
وَفَسَّرُوا قَوْلَهُ:
﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١] : أَلَمْ يَعْلَمْ وَيَتَبَيَّنْ، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةَ لِحَيٍّ مِنَ النَّخْعِ، يُقَالُ لَهُمْ وَهْبِيلَ، تَقُولُ: أَلَمْ تَيْأَسْ كَذَا بِمَعْنَى: أَلَمْ تَعْلَمُهُ، وَذُكِرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ أَنَّهَا لُغَةُ هَوَازِنَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَئِسْتُ كَذَا: عَلِمْتُ. وَأَمَّا بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ فَكَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ:
«يَئِسْتُ» بِمَعْنَى:
«عَلِمْتُ»، وَيَقُولُ هُوَ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا:
«يَئِسْتُ» بِمَعْنَى:
«عَلِمْتُ»، يَتَوَجَّهُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَيْأَسُوا عِلْمًا، يَقُولُ: يُؤَيِّسُهُمُ الْعِلْمَ، فَكَانَ فِيهِ الْعِلْمُ مُضْمَرًا، كَمَا يُقَالُ: قَدْ يَئِسْتُ مِنْكَ أَنْ لَا تُفْلِحَ عِلْمًا، كَأَنَّهُ قِيلَ: عَلِمْتُهُ عِلْمًا، قَالَ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل]
حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا | غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلًا أَعْصَامُهَا |
مَعْنَاهُ: حَتَّى إِذَا يَئِسُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يُمْكِنُ إِلَّا الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ أَرْسَلُوا،