حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] قَالَ: «مِنْ طَاعَتِي» وَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْقَوْلِ يُفْهَمُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجَرِ لِلطَّاعَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ذِكْرٌ، فَيُقَالُ: إِنْ شَكَرْتُمُونِي عَلَيْهَا زِدْتُكُمْ مِنْهَا، وَإِنَّمَا جَرَى ذِكْرُ الْخَبَرِ عَنْ إِنْعَامِ اللَّهِ عَلَى قَوْمِ مُوسَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [إبراهيم: ٦] ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَهُمْ إِنْ شَكَرُوهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ زَادَهُمْ، فَالْوَاجِبُ فِي الْمَفْهُومِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ: زَادَهُمْ مِنْ نِعَمِهِ، لَا مِمَّا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ مِنَ الطَّاعَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ فَأَطَعْتُمُونِي بِالشُّكْرِ لَأَزِيدَنَّكُمْ مِنْ أَسْبَابِ الشُّكْرِ مَا يُعِينُكُمْ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ وَجْهًا
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧] يَقُولُ: وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ نِعْمَةَ اللَّهِ، فَجَحَدْتُمُوهَا، بِتَرْكِ شُكْرِهِ عَلَيْهَا، وَخِلَافِهِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَرُكُوبِكُمْ مَعَاصِيهِ ﴿إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧] : أُعَذِّبُكُمْ كَمَا أُعَذِّبُ مَنْ كَفَرَ بِي مِنْ خَلْقِي. وَكَانَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] وَيَقُولُ: «إِذْ» مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَادِ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، -[٦٠٣]- فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيُّ حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَقَالَ مُوسَى﴾ [الأعراف: ١٠٤] لِقَوْمِهِ: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا﴾ [إبراهيم: ٨] أَيُّهَا الْقَوْمُ، فَتَجْحَدُوا نِعْمَةَ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ، وَيَفْعَلُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ فِعْلِكُمْ ﴿مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيُّ﴾ [إبراهيم: ٨] عَنْكُمْ وَعَنْهُمْ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى شُكْرِكُمْ إِيَّاهُ عَلَى نِعَمِهِ عِنْدَ جَمِيعِكُمْ، ﴿حُمَيْدٌ﴾ [البقرة: ٢٦٧] ذُو حَمْدٍ إِلَى خَلْقِهِ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، كَمَا