أَتُوعِدُنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ | كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونِي |
يَعْنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ: قُدَّامَ بَنِي رِيَاحٍ وَأَمَامَهُمْ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: إِنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ:
﴿مِنْ وَرَائِهِ﴾ [إبراهيم: ١٦] أَيْ مِنْ أَمَامِهِ، لِأَنَّهُ وَرَاءَ مَا هُوَ فِيهِ، كَمَا يَقُولُ لَكَ: وَكُلُّ هَذَا مِنْ وَرَائِكَ: أَيْ سَيَأْتِي عَلَيْكَ، وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ مَا أَنْتَ فِيهِ لِأَنَّ مَا أَنْتَ فِيهِ قَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ:
﴿وَرَاءَهُمْ مَلَكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: ٧٩] مِنْ هَذَا الْمَعْنَى: أَيْ كَانَ وَرَاءَ مَا هُمْ فِيهِ أَمَامَهُمْ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: أَكْثَرُ مَا يَجُوزُ هَذَا فِي الْأَوْقَاتِ، لِأَنَّ الْوَقْتَ يَمُرُّ عَلَيْكَ فَيَصِيرُ خَلْفَكَ إِذَا جُزْتَهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلَكٌ، لِأَنَّهُمْ يَجُوزُونَهُ فَيَصِيرُ وَرَاءَهُمْ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ مِنْ حُرُوفِ الْأَضْدَادِ، يَعْنِي وَرَاءَ يَكُونُ قُدَّامًا وَخَلْفًا
وَقَوْلُهُ:
﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٦] يَقُولُ: وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ الْمَاءَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَمَا هُوَ، فَقَالَ: هُوَ صَدِيدٌ، وَلِذَلِكَ رَدَّ الصَّدِيدَ فِي إِعْرَابِهِ عَلَى الْمَاءِ، لِأَنَّهُ بَيَانٌ عَنْهُ، وَالصَّدِيدُ: هُوَ الْقَيْحُ وَالدَّمُ، وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، ح. وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا -[٦١٩]- شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:
﴿مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٦] قَالَ:
«قَيْحٌ وَدَمٌ». حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ