حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا﴾ [النحل: ٧٥] قَالَ: " نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَعَبْدِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ﴾ [النحل: ٧٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: ٧٦] قَالَ: «هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ» قَالَ: «وَالْأَبْكَمُ الَّذِي أَيْنَمَا يُوَجَّهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ، ذَاكَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، كَانَ عُثْمَانُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْفُلُهُ وَيَكْفِيهِ الْمَئُونَةَ، وَكَانَ الْآخَرُ يَكْرَهُ الْإِسْلَامَ وَيَأْبَاهُ وَيَنْهَاهُ عَنِ الصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمَا» -[٣١٣]- وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْلَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي الْمَثَلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَثَّلَ مَثَلَ الْكَافِرِ بِالْعَبْدِ الَّذِي وَصَفَ صِفَتَهُ، وَمَثَّلَ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ بِالَّذِي رِزْقُهُ رِزْقًا حَسَنًا، فَهُوَ يُنْفِقُ مِمَّا رَزَقَهُ سِرًّا وَجَهْرًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ للَّهِ مَثَلًا، إِذْ كَانَ اللَّهُ إِنَّمَا مَثَّلَ الْكَافِرَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَرْزُقْهُ رِزْقًا يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا، وَمَثَّلَ الْمُؤْمِنَ الَّذِي وَفَّقَهُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ فَهَدَاهُ لِرُشْدِهِ فَهُوَ يَعْمَلُ بِمَا يَرْضَاهُ اللَّهُ، كَالْحُرِّ الَّذِي بَسَطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا، وَاللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ هُوَ الرَّازِقُ غَيْرُ الْمَرْزُوقِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُمَثِّلَ إِفْضَالَهُ وَجُودَهُ بِإِنْفَاقِ الْمَرْزُوقِ الرِّزْقَ الْحَسَنَ، وَأَمَّا الْمَثَلُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ تَمْثِيلٌ مِنْهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَنْ مَثَّلَهُ الْأَبْكَمَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَالْكُفَّارُ لَا شَكَّ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ الْأَمْوَالُ الْكَثِيرَةُ، وَمَنْ يَضُرُّ أَحْيَانًا الضُّرَّ الْعَظِيمَ بِفَسَادِهِ، فَغَيْرُ كَائِنٍ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَثَلًا، لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كَانَ أَوْلَى الْمَعَانِي بِهِ تَمْثِيلُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِمَثَلِهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَذَلِكَ الْوَثَنُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، بِالْأَبْكَمِ الْكَلِّ عَلَى مَوْلَاهُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ كَمَا قَالَ وَوَصَفَ


الصفحة التالية
Icon