ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " أَنَّ الَّذِيَ ذَكَرَ اللَّهُ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ إِنَّمَا افْتُتِنَ، إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ، فَكَانَ يُمْلِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمِيعٌ عَلِيمٌ» أَوْ «عَزِيزٌ حَكِيمٌ» وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ خَوَاتِمِ الْآيِ، ثُمَّ يَشْتَغِلُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْوَحْيِ، فَيَسْتَفْهِمُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: أَعَزِيزٌ حَكِيمٌ، أَوْ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، أَوْ عَزِيزٌ عَلِيمٌ؟ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ ذَلِكَ كَتَبْتَ فَهُوَ كَذَلِكَ» فَفَتَنَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَكِلُ ذَلِكَ إِلَيَّ، فَأَكْتُبُ مَا شِئْتُ «، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ لِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنَ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ» وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿يُلْحِدُونَ﴾ [النحل: ١٠٣] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ﴾ [النحل: ١٠٣] بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَلْحَدَ يُلْحِدُ -[٣٧٠]- إِلْحَادًا، بِمَعْنَى يَعْتَرِضُونَ وَيَعْدِلُونَ إِلَيْهِ وَيَعْرُجُونَ إِلَيْهِ، مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الرجز]

قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبَيْنِ قَدِي لَيْسَ أَمِيرِي بِالشَّحِيحِ الْمُلْحِدِ
وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: " (لِسَانُ الَّذِي يَلْحَدُونَ إِلَيْهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ، يَعْنِي: يَمِيلُونَ إِلَيْهِ، مِنْ لَحَدَ فُلَانٌ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ يَلْحِدُ لَحْدًا وَلُحُودًا وَهُمَا عِنْدِي لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ فِيهِمَا الصَّوَابَ. وَقِيلَ: ﴿وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل: ١٠٣] يَعْنِي: الْقُرْآنَ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ لِقَصِيدَةٍ مِنَ الشَّعْرِ يَعْرِضُهَا الشَّاعِرِ: هَذَا لِسَانُ فُلَانٍ، تُرِيدُ قَصِيدَتَهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
لِسَانُ السُّوءِ تُهْدِيهَا إِلَيْنَا وَحِنْتَ وَمَا حَسِبْتُكَ أَنْ تَحِينَا
يَعْنِي بِاللِّسَانِ الْقَصِيدَةَ وَالْكَلِمَةَ


الصفحة التالية
Icon