تَأْوِيلِهِ وَقِرَاءَةُ بَعْضِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: (وَلَا تَكُ فِي ضِيقٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: ﴿فِي ضَيْقٍ﴾ [النحل: ١٢٧] بِفَتْحِ الضَّادِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا نَهَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضِيقَ صَدْرُهُ مِمَّا يَلْقَى مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى تَبْلِيغِهِ إِيَّاهُمْ وَحْيَ اللَّهِ وَتَنْزِيلِهِ، فَقَالَ لَهُ: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ﴾ [الأعراف: ٢]، وَقَالَ: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ، إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ﴾ [هود: ١٢]، وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي نَهَاهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، فَفَتْحُ الضَّادِ هُوَ الْكَلَامُ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، تَقُولُ الْعَرَبُ: فِي صَدْرِي مِنْ هَذَا الْأَمْرِ ضَيْقٌ، وَإِنَّمَا تُكْسَرُ الضَّادُ فِي الشَّيْءِ الْمُعَاشِ وَضِيقُ الْمَسْكَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ الضَّيْقُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي مَوْضِعِ الضِّيقِ بِالْكَسْرِ، كَانَ عَلَى الَّذِي يَتَّسِعُ أَحْيَانًا وَيَضِيقُ مِنْ قِلَّةٍ أَحَدُ وَجْهَيْنِ، إِمَّا عَلَى جَمْعِ الضَّيْقَةِ، كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
[البحر الرمل]
فَلَئِنْ رَبُّكَ مِنْ رَحْمَتِهِ | كَشَفَ الضَّيْقَةَ عَنَّا وَفَسَحْ |