تُسَبِّحُونَ} [القلم: ٢٨] لَوْلَا تَسْتَثْنُونَ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَيَسْتَشْهِدُ لِصِحَّةِ تَأْوِيلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ﴾ [القلم: ١٨] قَالَ: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ﴾ [القلم: ٢٨] فَذِكْرُهُمْ تَرْكُهُمُ الِاسْتِثْنَاءَ. وَمِنْهَا النُّورُ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَتَأَوَّلُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا ذَلِكَ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا أَدْرَكَتْ مِنْ شَيْءٍ» أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: سُبُحَاتُ وَجْهِهِ: نُورَ وَجْهِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّسْبِيحِ أَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنْزَاهُ اللَّهِ عَنِ السُّوءِ»
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ: قَالَ: إِنْكَافٌ لِلَّهِ -[٤١٣]- وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا قَبْلُ. وَالْإِسْرَاءُ وَالسُّرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ. فَمَنْ قَالَ: أَسْرَى، قَالَ: يُسْرِي إِسْرَاءً، وَمَنْ قَالَ: سَرَى، قَالَ: يَسْرِي سُرًى، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز]

وَلَيْلَةٍ ذَاتِ دُجًى سَرَيْتُ وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ
وَيُرْوَى: ذَاتِ نَدًى سَرَيْتُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿لَيْلًا﴾ [يونس: ٢٤] مِنَ اللَّيْلِ. وَكَذَلِكَ كَانَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يَقْرَؤُهَا


الصفحة التالية
Icon