وَمِنَّا الَّذِي لَاقَى بِسَيْفِ مُحَمَّدٍ | فَجَاسَ بِهِ الْأَعْدَاءُ عُرْضَ الْعَسَاكِرِ |
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ فَقَتَلُوهُمْ ذَاهِبِينَ وَجَائِينَ، فَيَصِحُّ التَّأْوِيلَانِ جَمِيعًا. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ:
﴿وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ٥] وَكَانَ جَوْسُ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَبْعَثُ عَلَيْهِمْ خِلَالَ دِيَارِهِمْ وَعْدًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَفْعُولًا ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ الْمِيعَادَ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ:
﴿أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ [الإسراء: ٥] فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ بُعِثُوا عَلَيْهِمْ، وَمِنَ الَّذِينَ بُعِثَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ صُنْعِهمْ بِهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى جَالُوتَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ، ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلِهِ:
﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أَوْلَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ٥] قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جَالُوتَ فَجَاسَ خِلَالَ دِيَارِهِمْ، وَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ وَالذُّلَّ، فَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَلِكًا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَبَعَثَ اللَّهُ طَالُوتَ، فَقَاتَلُوا جَالُوتَ، فَنَصَرَ اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقُتِلَ جَالُوتُ بِيَدِي دَاوُدَ، وَرَجَعَ اللَّهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مَلِكُهُمْ