أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلْيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسراء: ٧] دَخَلُوهُ فَتَبَّرُوهُ وَخَرَّبُوهُ وَأَلْقَوْا فِيهِ مَا اسْتَطَاعُوا مِنَ الْعَذِرَةِ وَالْحَيْضِ وَالْجِيَفِ وَالْقَذَرِ، فَقَالَ اللَّهُ ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ [الإسراء: ٨] فَرِحِمَهُمْ فَرَدَّ إِلَيْهِمْ مُلْكَهُمْ وَخَلَّصَ مَنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ذُرِّيَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا فَقَالَ أَبُو الْمُعَلَّى، وَلَا أَعْلَمُ ذَلِكَ، إِلَّا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَعِدْهُمُ الرَّجْعَةَ إِلَى مُلْكِهِمْ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مَلِكَ فَارِسَ بِبَابِلَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ، فَأَتَوْا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَدَمَّرُوهُمْ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْآخِرَةُ وَوَعْدُهَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ. قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: ثني يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ بُخْتَنَصَّرَ الْمُلْكَ بِجِرَانِهِ، قَالَ: ثَلَاثَةٌ فَمَنِ اسْتَأْخَرَ مِنْكُمْ بَعْدَهَا فَلْيَمْشِ إِلَى خَشَبَتِهِ، فَغَزَا الشَّامَ، فَذَلِكَ حِينَ -[٤٨٧]- قَتَلَ وَأَخْرَجَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَنَزَعَ حِلْيَتَهُ، فَجَعَلَهَا آنِيَةً لِيَشْرَبَ فِيهَا الْخُمُورَ، وَخُوَانًا يَأْكُلُ عَلَيْهِ الْخَنَازِيرَ، وَحَمَلَ التَّوْرَاةَ مَعَهُ، ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي النَّارِ، وَقَدِمَ فِيمَا قَدِمَ بِهِ مِائَةَ وَصِيفٍ مِنْهُمْ دَانيَالُ وَعَزْرَيَا وَحَنَانيَا وَمَشَائيلُ، فَقَالَ لِإِنْسَانٍ: أَصْلِحْ لِي أَجْسَامَ هَؤُلَاءِ لِعَلِّي أَخْتَارُ مِنْهُمْ أَرْبَعَةً يَخْدُمُونَنِي، فَقَالَ دَانْيَالُ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّمَا نُصِرُوا عَلَيْكُمْ بِمَا غَيَّرْتُمْ مِنْ دِينِ آبَائِكُمْ، لَا تَأْكُلُوا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَلَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ، فَقَالُوا لِلَّذِي يُصْلِحُ أَجْسَامَهُمْ: هَلْ لَكَ أَنْ تُطْعِمَنَا طَعَامًا، هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْكَ فِي الْمُؤْنَةِ مَا تُطْعِمُ أَصْحَابَنَا، فَإِنْ لَمْ نَسْمَنْ قَبْلَهُمْ رَأَيْتَ رَأْيَكَ، قَالَ: مَاذَا؟ قَالَ: خُبْزُ الشَّعِيرِ وَالْكُرَّاثِ، فَفَعَلَ فَسَمِنُوا قَبْلَ أَصْحَابِهِمْ، فَأَخَذَهُمْ بُخْتَنَصَّرَ يخْدِمُونَهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ رَأَى بُخْتَنَصَّرَ رُؤْيَا، فَجَلَسَ فَنَسِيَهَا، فَعَادَ فَرَقَدَ فَرَآهَا، فَقَامَ فَنَسِيَهَا، ثُمَّ عَادَ فَرَقَدَ فَرَآهَا، فَخَرَجَ إِلَى الْحُجْرَةِ، فَنَسِيَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا الْعُلَمَاءَ وَالْكُهَّانَ، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بِمَا رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ، وَأَوِّلُوا لِي رُؤْيَايَ، وَإِلَّا فَلْيَمْشِ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ إِلَى خَشَبَتِهِ، مَوْعِدُكُمْ ثَالِثَةٌ. فَقَالُوا: هَذَا لَوْ أَخْبَرَنَا بِرُؤْيَاهُ، وَذَكَرَ كَلَامًا لَمْ أَحْفَظْهُ، قَالَ: وَجَعَلَ دَانْيَالَ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ قَرَابَتِهِ يَقُولُ: لَوْ دَعَانِي الْمَلِكُ لَأَخْبَرْتُهُ بِرُؤْيَاهُ، وَلَأَوَّلْتُهَا لَهُ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا أَحْمَقَ هَذَا الْغُلَامَ الْإِسْرَائِيلِيَّ إِلَى أَنْ مَرَّ بِهِ كَهْلٌ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَاذَا رَأَيْتُ؟ قَالَ: رَأَيْتَ تِمْثَالًا، قَالَ: إِيهِ، قَالَ: وَرَأْسُهُ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: إِيهِ، قَالَ: وَعُنُقُهُ مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ: إِيهِ، قَالَ: وَصَدْرُهُ مِنْ حَدِيدٍ، قَالَ: إِيهِ، قَالَ: -[٤٨٨]- وَبَطْنُهُ مِنْ صُفْرٍ، قَالَ: إِيهِ، قَالَ: وَرِجْلَاهُ مِنْ آنُكٍ، قَالَ: إِيهِ، قَالَ: وَقَدَمَاهُ مِنْ فَخَّارٍ، قَالَ: هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَ: إِيهِ، قَالَ: فَجَاءَتْ حَصَاهُ فَوَقَعَتْ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ فِي رِجْلَيْهِ، ثُمَّ فِي قَدَمَيْهِ، قَالَ: فَأَهْلَكَتْهُ. قَالَ: فَمَا هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا الذَّهَبُ فَإِنَّهُ مُلْكُكَ، وَأَمَّا الْفِضَّةُ فَمُلْكُ ابْنِكَ مِنْ بَعْدَكَ، ثُمَّ مُلْكُ ابْنِ ابْنِكَ، قَالَ: وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَمُلْكُ النِّسَاءِ، فَكَسَاهُ جُبَّةً تُرْثُونَ وَسَوْرَةً وَطَافَ بِهِ فِي الْقَرْيَةِ، وَأَجَازَ خَاتَمَهُ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ فَارِسُ، قَالُوا: مَا الْأَمْرُ إِلَّا أَمْرُ هَذَا الْإِسْرَائِيلِيِّ، فَقَالُوا: ائْتُوهُ مِنْ نَحْوِ الْفِتْيَةِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا تَذْكُرُوا لَهُ دَانْيَالَ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدِّقُكُمْ عَلَيْهِ، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةَ الثَّلَاثَةَ لَيْسُوا عَلَى دِينِكَ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّكَ إِنْ قَرَّبْتَ إِلَيْهِمْ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ لَمْ يَأْكُلُوا وَلَمْ يَشْرَبُوا، فَأَمَرَ بِحَطَبٍ كَثِيرٍ فَوُضِعَ، ثُمَّ أَرْقَاهُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَوَقَدْ فِيهِ نَارًا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ يَبُولُ، فَإِذَا هُمْ يَتَحَدَّثُونَ، وَإِذَا مَعَهُمْ رَابِعٌ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ يُصَلِّي، قَالَ: مَنْ هَذَا يَا دَانْيَالُ؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، إِنَّكَ ظَلَمْتَهُمْ، قَالَ: ظَلَمْتَهُمْ مُرْ بِهِمْ يَنْزِلُوا، فَأَمَرَ بِهِمْ فَنَزَلُوا، قَالَ: وَمَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى بُخْتَنَصَّرَ مِنَ الدَّوَابِّ كُلِّهَا، فَجَعَلَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الدَّوَابِّ رَأْسُهُ رَأْسُ سَبْعٍ مِنَ السِّبَاعِ الْأَسَدُ، وَمِنَ الطَّيْرِ النَّسْرُ، وَمَلَكَ ابْنُهُ فَرَأَى كَفًّا خَرَجَتْ بَيْنَ لَوْحَيْنِ، ثُمَّ كَتَبَتْ سَطْرَيْنِ، فَدَعَا الْكُهَّانَ وَالْعُلَمَاءَ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ فِي ذَلِكَ عِلْمًا، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: إِنَّكَ لَوْ أَعَدْتَ إِلَى دَانْيَالَ مَنْزِلَتَهُ -[٤٨٩]- الَّتِي كَانَتْ لَهُ مِنْ أَبِيكَ أَخْبَرَكَ، وَكَانَ قَدْ جَفَاهُ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُعَيْدٌ إِلَيْكَ مَنْزِلَتَكَ مِنْ أَبِي، فَأَخْبِرْنِي مَا هَذَانِ السَّطْرَانِ؟ قَالَ: أَمَا أَنَّ تُعِيدَ إِلَيَّ مَنْزِلَتِي مِنْ أَبِيكٍ، فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا، وَأَمَّا هَذَانِ السَّطْرَانِ فَإِنَّكَ تُقْتَلُ اللَّيْلَةَ، فَأَخْرَجَ مَنْ فِي الْقَصْرِ أَجْمَعِينَ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَأُقْفِلَتِ الْأَبْوَابُ عَلَيْهِ، وَأدْخَلَ مَعَهُ آمَنُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي نَفْسِهِ مَعَهُ سَيْفٌ، فَقَالَ: مَنْ جَاءَكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَاقْتُلْهُ، وَإِنَّ قَالَ أَنَا فُلَانُ، وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْبَطْنَ، فَجَعَلَ يَمْشِي حَتَّى كَانَ شَطْرَ اللَّيْلِ، فَرَقَدَ وَرَقَدَ صَاحِبُهُ، ثُمَّ نَبَّهَهُ الْبَطْنُ، فَذَهَبَ يَمْشِي وَالْآخَرُ نَائِمٌ، فَرَجَعَ فَاسْتَيْقَظَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَنَا فُلَانُ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ