حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَلَمَةَ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَمَرْنَا بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاءَ فَفَسَقُوا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: هُوَ أَمِيرٌ غَيْرُ مَأْمُورٍ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: قَدْ يَتَوَجَّهُ مَعْنَاهُ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ إِلَى مَعْنَى أَكْثَرْنَا مُتْرَفِيهَا، وَيُحْتَجُّ لِتَصْحِيحِهِ ذَلِكَ بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ» وَيَقُولُ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَأْمُورَةٌ: كَثِيرَةُ النَّسْلِ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ، وَلَا يُجِيزُنَا أَمَرْنَا، بِمَعْنَى أَكْثَرْنَا إِلَّا بِمَدِّ الْأَلِفِ مِنْ أَمَرْنَا. وَيَقُولُ فِي قَوْلِهِ «مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ» : إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ عَلَى الِاتِّبَاعِ لِمَجِيءِ مَأْبُورَةٌ بَعْدَهَا، كَمَا قِيلَ: «ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» فَهَمَزَ مَأْزُورَاتٍ لِهَمْزِ مَأْجُورَاتٍ، وَهِيَ مِنْ وَزَرْتُ إِتْبَاعًا لِبَعْضِ الْكَلَامِ بَعْضًا. وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو عُثْمَانَ «أَمَّرْنَا» بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، بِمَعْنَى الْإِمَارَةِ
حَدَّثَنَا -[٥٢٩]- أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّهُ قَرَأَ «أَمَّرْنَا» مُشَدَّدَةً مِنَ الْإِمَارَةِ وَقَدْ تَأَوَّلَ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ