حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسِ، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَسْتَقْدِمُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطَيْهِ فِي الصَّفِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهَا: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤] " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْأَمْوَاتَ مِنْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ فَتَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ الَّذِينَ اسْتَأْخَرَ مَوْتُهُمْ مِمَّنْ هُوَ حَيٌّ، وَمَنْ هُوَ حَادِثٌ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَحَدُثْ بَعْدُ، لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ [الحجر: ٢٣] وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ [الحجر: ٢٥] عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَ بَيْنَ -[٥٥]- هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، وَلَمْ يَجْرِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَا جَاءَ بَعْدُ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الصَّفِّ لِشَأْنِ النِّسَاءِ الْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهِ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ جَمِيعَ الْخَلْقِ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا مَا مَضَى مِنَ الْخَلْقِ وَأَحْصَيْنَاهُمْ، وَمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَمَنْ هُوَ حَيٌّ مِنْكُمْ وَمَنْ هُوَ حَادِثٌ بَعْدَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، وَأَعْمَالُ جَمِيعِكُمْ خَيْرُهَا وَشَرُّهَا، وَأَحْصَيْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ، وَنَحْنُ نَحْشُرُ جَمِيعُهُمْ، فَنُجَازِي كُلًّا بِأَعْمَالِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرًا، وَإِنْ شَرًّا فَشَرًّا، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَهْدِيدًا وَوَعِيدًا لِلْمُسْتَأْخِرِينَ فِي الصُّفُوفِ لِشَأْنِ النِّسَاءِ، وَلِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى حَدَّ اللَّهِ، وَعَمِلَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهُ بِهِ، وَوَعْدًا لِمَنْ تَقَدَّمَ فِي الصُّفُوفِ لِسَبَبِ النِّسَاءِ وَسَارَعَ إِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ فِي أَفْعَالِهِ كُلِّهَا


الصفحة التالية
Icon