عَلَى قَطْعِ سَفَرِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا عَنَى بِالْأَمْرِ بِإِتْيَانِ ابْنِ السَّبِيلِ حَقَّهُ أَنْ يُضَافَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عِنْدِي أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخَصِّصْ مِنْ حُقُوقِهِ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ فِي كِتَابِهِ، وَلَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، فَذَلِكَ عَامٌ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ أَنْ يُعْطَاهُ مِنْ ضِيَافَةٍ أَوْ حَمُولَةٍ أَوْ مَعُونَةٍ عَلَى سَفَرِهِ. وَقَوْلُهُ ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٦] يَقُولُ: وَلَا تُفَرِّقْ يَا مُحَمَّدُ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ مَالٍ فِي مَعْصِيَتِهِ تَفْرِيقًا. وَأَصْلُ التَّبْذِيرِ: التَّفْرِيقُ فِي السَّرَفِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
أُنَاسٌ أَجَارُونَا فَكَانَ جِوَارُهُمْ | أَعَاصِيرَ مِنْ فِسْقِ الْعِرَاقِ الْمُبَذَّرِ |
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٦] قَالَ: التَّبْذِيرُ فِي غَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ الْإِسْرَافُ
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ -[٥٦٦]- مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْمُبَذِّرِ فَقَالَ: الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ