أَضْمَرَ الْهَاءَ فِي «لَوْ» فَلَيْسَ بِمَفْعُولٍ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْمَفْعُولِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجَمَ الْمَصْدَرُ بِشَيْءٍ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ جَعَلَهُ وُدًّا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ عَائِدًا فَكَانَ الْكَسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ يَقُولَانِ: لَا تَكَادُ الْعَرَبُ تُوقِعُ «رُبَّ» عَلَى مُسْتَقْبَلٍ، وَإِنَّمَا يُوقِعُونَهَا عَلَى الْمَاضِي مِنَ الْفِعْلِ كَقَوْلِهِمْ: رُبَّمَا فَعَلْتَ كَذَا، وَرُبَّمَا جَاءَنِي أَخُوكَ، قَالَا: وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ: رُبَّمَا يَوَدُّ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ وَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَمَا فِيهِ، فَهُوَ حَقٌّ كَأَنَّهُ عَيَانٌ، فَجَرَى الْكَلَامُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ مَجْرَاهُ فِيمَا كَانَ، كَمَا قِيلَ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ﴾ [سبأ: ٥١]، كَأَنَّهُ مَاضٍ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِصِدْقِهِ فِي الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ لَا مُكَذِّبَ لَهُ، وَأَنَّ الْقَائِلَ لَا يَقُولُ إِذَا نَهَى أَوْ أَمَرَ فَعَصَاهُ الْمَأْمُورُ، يَقُولُ: أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ نَدَامَةٍ لَكَ تَذْكُرُ قَوْلِي فِيهَا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَنْدَمُ، وَاللَّهُ وَوَعْدُهُ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِ الْمَخْلُوقِينَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَصْحَبَ «رُبَّمَا» الدَّائِمَ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ يَفْعَلُ، يُقَالُ: رُبَّمَا يَمُوتُ الرَّجُلُ فَلَا يُوجَدُ لَهُ كَفَنٌ، وَإِنَّ أُوِّلَتِ الْأَسْمَاءُ كَانَ مَعَهَا ضَمِيرُ كَانَ، كَمَا قَالَ أَبُو دُؤَادٍ:
[البحر الخفيف]
رُبَّمَا الْجَامِلُ الْمُؤَبَّلُ فِيهِمْ | وَعَنَاجِيجُ بَيْنَهُنَّ الْمِهَارُ |