حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ» قَالَ: فَرَّقَهُ: لَمْ يُنَزِّلْهُ جَمِيعَهُ. وَقَرَأَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢] حَتَّى بَلَغَ ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣] يَنْقُضُ عَلَيْهِمْ مَا يَأْتُونَ بِهِ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: نُصِبَ قَوْلُهُ ﴿وَقُرْآنًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] بِمَعْنَى: وَرَحْمَةً، وَيَتَأَوَّلُ ذَلِكَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الإسراء: ١٠٥] وَرَحْمَةً، وَيَقُولُ: جَازَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ رَحْمَةٌ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ أَوْلَى، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس: ٣٩] وَقَوْلُهُ: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦] يَقُولُ: لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى تُؤَدَةٍ، فَتُرَتِّلَهُ وَتُبَيِّنَهُ، وَلَا تَعْجَلْ فِي تِلَاوَتِهِ، فَلَا يُفْهَمْ عَنْكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدٍ -[١١٧]- الْمُكْتِبِ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: رَجُلٌ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَآخَرُ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَرُكُوعُهُمَا وَسُجُودُهُمَا وَاحِدٌ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: الَّذِي قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَقَرَأَ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦]