مِنْ دقينوس وَفِتْنَتِهِ، فَلَمَّا رَآهُمْ أُولَئِكَ الْكَفَرَةُ مِنْ عُرَفَائِهِمْ قَالُوا لَهُمْ: مَا خَلَّفَكُمْ عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ؟ انْطَلِقُوا إِلَيْهِ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِمْ، فَرَفَعُوا أَمْرَهُمْ إِلَى دقينوس، وَقَالُوا: تَجْمَعُ النَّاسَ لِلذَّبْحِ لِآلِهَتِكَ، وَهَؤُلَاءِ فِتْيَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ يَسْخَرُونَ مِنْكَ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِكَ، وَيَعْصُونَ أَمْرَكَ، وَيَتْرُكُونَ آلِهَتَكَ، يَعْمِدُونَ إِلَى مُصَلًّى لَهُمْ وَلِأَصْحَابِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يُصَلُّونَ فِيهِ، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى إِلَهِهِمْ وَإِلَهِ عِيسَى وَأَصْحَابِ عِيسَى، فَلِمَ تَتْرُكُهُمْ يَصْنَعُونَ هَذَا وَهُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ سُلْطَانِكَ وَمُلْكِكَ وَهُمْ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ: رَئِيسُهُمْ مَكْسِلمينا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عُظَمَاءِ الْمَدِينَةِ؟ فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لدقينوس، بَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَأَتَى بِهِمْ مِنَ الْمُصَلَّى الَّذِي كَانُوا فِيهِ تَفِيضُ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدُّمُوعِ مُعَفَّرَةً وُجُوهُهُمْ فِي التُّرَابِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَشْهَدُوا الذَّبْحَ لِآلِهَتِنَا الَّتِي تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ، وَأَنْ تَجْعَلُوا أَنْفُسَكُمْ أُسْوَةً لِسُرَاةِ أَهْلِ مَدِينَتِكُمْ، وَلِمَنْ حَضَرَ مِنَّا مِنَ النَّاسِ؟ اخْتَارُوا مِنِّي: إِمَّا أَنْ تَذْبَحُوا لِآلِهَتِنَا كَمَا ذَبَحَ النَّاسُ، وَإِمَّا أَنْ أَقْتُلَكُمْ فَقَالَ مَكْسِلمينا: إِنَّ لَنَا إِلَهًا نَعْبُدُهُ مَلَأَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ عَظَمَتُهُ، لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا أَبَدًا، وَلَنْ نُقِرَّ بِهَذَا الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ أَبَدًا، وَلَكِنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّنَا، لَهُ الْحَمْدُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ مِنْ أَنْفُسِنَا خَالِصًا أَبَدًا، إِيَّاهُ نَعْبُدُ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُ النَّجَاةَ وَالْخَيْرَ، فَأَمَّا الطَّوَاغِيتُ وَعِبَادَتُهَا، فَلَنْ نُقِرَّ بِهَا أَبَدًا، وَلَسْنَا بِكَائِنِينَ عُبَّادًا لِلشَّيَاطِينِ، وَلَا جَاعِلِي