ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: -[١٧٥]- أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ شَرُّوسَ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: جَاءَ حَوَارِيُّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى مَدِينَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَلَى بَابِهَا صَنَمًا لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ لَهُ. فَكَرِهَ أَنْ يَدْخُلَهَا، فَأَتَى حَمَّامًا، فَكَانَ فِيهِ قَرِيبًا مِنْ تِلْكِ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَعْمَلُ فِيهِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ. وَرَأَى صَاحِبَ الْحَمَّامِ فِي حَمَّامِهِ الْبَرَكَةَ وَدَرَّ عَلَيْهِ الرِّزْقَ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، وَجَعَلَ يَسْتَرْسِلُ إِلَيْهِ، وَعَلِقَهُ فِتْيَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ خَبَرَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَخَبَرَ الْآخِرَةِ، حَتَّى آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، وَكَانُوا عَلَى مِثْلِ حَالِهِ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ. وَكَانَ يَشْتَرِطُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ أَنَّ اللَّيْلَ لِي لَا تَحَوَّلُ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّلَاةِ إِذَا حَضَرَتْ، فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ ابْنُ الْمَلِكِ بِامْرَأَةٍ، فَدَخَلَ بِهَا الْحَمَّامَ، فَعَيَّرَهُ الْحَوَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْتَ ابْنُ الْمَلِكِ، وَتَدْخُلُ مَعَكَ هَذِهِ النَّكْدَاءُ؟ فَاسْتَحْيَا، فَذَهَبَ فَرَجَعَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَبَّهُ وَانْتَهَرَهُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلَتْ مَعَهُ الْمَرْأَةُ، فَمَاتَا فِي الْحَمَّامِ جَمِيعًا. فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ: قَتَلَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ ابْنَكَ فَالْتُمِسَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ هَرَبًا، قَالَ: مَنْ كَانَ يَصْحَبُهُ؟ فَسَمُّوا الْفِتْيَةَ، فَالْتُمِسُوا، فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَمَرُّوا بِصَاحِبٍ لَهُمْ فِي زَرْعٍ لَهُ، وَهُوَ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِمْ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمُ الْتُمِسُوا، فَانْطَلَقَ مَعَهُمُ الْكَلْبُ، حَتَّى آوَاهُمُ اللَّيْلُ إِلَى الْكَهْفِ، فَدَخَلُوهُ، فَقَالُوا: نَبِيتُ هَهُنَا اللَّيْلَةَ، ثُمَّ نُصْبِحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَرَوْنَ رَأْيَكُمْ، فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ. فَخَرَجَ الْمَلِكُ فِي أَصْحَابِهِ يَتْبَعُونَهُمْ -[١٧٦]- حَتَّى وَجَدُوهُمْ قَدْ دَخَلُوا الْكَهْفَ، فَكُلَّمَا أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَدْخُلَ أُرْعِبَ، فَلَمْ يُطِقْ أَحَدٌ أَنْ يُدْخُلَهُ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَلَيْسَ لَوْ كُنْتَ قَدَرْتَ عَلَيْهِمْ قَتَلْتَهُمْ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَابْنِ عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَهْفِ، وَدَعْهُمْ فِيهِ يَمُوتُوا عَطَشًا وَجُوعًا، فَفَعَلَ


الصفحة التالية
Icon