حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾ [الكهف: ٢٦]
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ [الكهف: ٢٥] قَالَ: وَتِسْعُ سِنِينَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِنَحْوِهِ
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثني الْأَجْلَحُ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ﴾ [الكهف: ٢٥] فَقَالُوا: أَيَّامًا أَوْ أَشْهُرًا أَوْ سِنِينَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ [الكهف: ٢٥]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ قَالَ: بَيْنَ جَبَلَيْنِ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ -[٢٣١]- وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ: وَلَبِثَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ رُقُودًا إِلَى أَنْ بَعَثَهُمُ اللَّهُ، لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ، وَإِلَى أَنْ أَعْثَرَ عَلَيْهِمْ مَنْ أَعْثَرَ، ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَتِسْعَ سِنِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ بِذَلِكَ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ. وَأَمَّا الَّذِي ذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ " وَقَالُوا: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ " وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَالُوا فِيمَا ذُكِرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لِلْفِتْيَةِ مِنْ لَدُنْ دَخَلُوا الْكَهْفَ إِلَى يَوْمِنَا ثَلَاثُ مِائَةٍ سِنِينَ وَتِسْعُ سِنِينَ، فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَأَخْبَرَ نَبِيَّهُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْرُ لُبْثِهِمْ فِي الْكَهْفِ مِنْ لَدُنْ أَوَوْا إِلَيْهِ إِلَى أَنْ بَعَثَهُمُ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا بَعْدَ أَنْ قَبَضَ أَرْوَاحَهُمْ، مِنْ بَعْدِ أَنْ بَعَثَهُمْ مِنْ رَقْدَتِهِمْ إِلَى يَوْمِهِمْ هَذَا، لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ غَيْرُ اللَّهِ، وَغَيْرُ مَنْ أَعْلَمُهُ اللَّهُ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ قِيلَ: الدَّالُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ عَنْ قَدْرِ لُبْثِهِمْ فِي كَهْفِهِمُ ابْتِدَاءً، فَقَالَ: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ [الكهف: ٢٥] وَلَمْ يَضَعْ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ مِنْهُ عَنْ قَوْلِ قَوْمٍ قَالُوهُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُضَافَ خَبَرُهُ عَنْ شَيْءٍ إِلَى أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ جَازَ جَازَ فِي -[٢٣٢]- كُلِّ أَخْبَارِهِ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِهِ جَازَ فِي أَخْبَارِ غَيْرِهِ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ أَنَّهَا أَخْبَارُهُ، وَذَلِكَ قَلْبُ أَعْيَانِ الْحَقَائِقِ وَمَا لَا يُخَيَّلُ فَسَادُهُ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾ [الكهف: ٢٦] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٥] خَبَرٌ مِنْهُ عَنْ قَوْمٍ قَالُوهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ مِنَ التَّأْوِيلِ غَيْرَهُ، فَأَمَّا وَهُوَ مُحْتَمِلٌ مَا قُلْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا إِلَى يَوْمِ أَنْزَلْنَا هَذِهِ السُّورَةَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي فَغَيْرُ وَاجِبٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٥] خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ قَوْمٍ قَالُوهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْتِ خَبَرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٥] خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ قَوْمٍ قَالُوهُ، وَلَا قَامَتْ بِصِحَّةِ ذَلِكَ حُجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، صَحَّ مَا قُلْنَا، وَفَسَدَ مَا خَالَفَهُ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ﴾ [الكهف: ٢٥] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ ﴿ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ﴾ [الكهف: ٢٥] بِتَنْوِينِ: ثَلَاثِ مِائَةٍ، بِمَعْنَى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ سِنِينَ ثَلَاثَ مِائَةٍ. وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (ثَلَاثَ مِائَةِ سِنِينَ) بِإِضَافَةِ ثَلَاثِ مِائَةٍ إِلَى السِّنِينَ، غَيْرُ مُنَوَّنٍ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: ﴿ثَلَاثَ مِائَةٍ﴾ [الكهف: ٢٥] بِالتَّنْوِينِ ﴿سِنِينَ﴾ [الكهف: ٢٥] وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا تُضِيفُ الْمِائَةَ إِلَى مَا يُفَسِّرُهَا إِذَا جَاءَ تَفْسِيرُهَا بِلَفْظِ الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ ثَلَاثُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَعِنْدِي مِائَةُ -[٢٣٣]- دِينَارٍ، لِأَنَّ الْمِائَةَ وَالْأَلْفَ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَالْعَرَبُ لَا تُفَسِّرُ ذَلِكَ إِلَّا بِمَا كَانَ بِمَعْنَاهُ فِي كَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَالْوَاحِدُ يُؤَدِّي عَنِ الْجِنْسِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْقَلِيلِ مِنَ الْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ رُبَّمَا وَضَعَتِ الْجَمْعُ الْقَلِيلُ مَوْضِعَ الْكَثِيرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْكَثِيرِ. وَأَمَّا إِذَا جَاءَ تَفْسِيرُهَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ، فَإِنَّهَا تُنَوَّنُ، فَتَقُولُ: عِنْدِي أَلْفُ دَرَاهِمَ، وَعِنْدِي مِائَةُ دَنَانِيرَ، عَلَى مَا قَدْ وَصَفْتُ


الصفحة التالية
Icon