حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ ابْنِ عَثْمَةَ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثني أَبُو الْحُوَيْرِثِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: مَا الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ [الكهف: ١٠٣] كُلُّ عَامِلٍ عَمَلًا يَحْسِبُهُ فِيهِ مُصِيبًا، وَأَنَّهُ لِلَّهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مُطِيعٌ مُرْضٍ، وَهُوَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ لِلَّهِ مُسْخِطٌ، وَعَنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ جَائِرٌ كَالرَّهَابِنَةِ وَالشَّمَامِسَةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي ضَلَالَتِهِمْ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ بِاللَّهِ كَفَرَةٌ مِنْ أَهْلِ أَيِّ دِينٍ كَانُوا. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ ﴿أَعْمَالًا﴾ [الكهف: ١٠٣] فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ: نُصِبَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُدْخِلَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ فِي الْأَخْسَرِينَ لَمْ يُوصَلْ إِلَى الْإِضَافَةِ، وَكَانَتِ الْأَعْمَالُ مِنَ الْأَخْسَرِينَ فَلِذَلِكَ نُصِبَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا بَابُ الْأَفْعَلِ وَالْفُعْلَى، مِثْلُ الْأَفْضَلِ وَالْفُضْلَى، وَالْأَخْسَرِ وَالْخُسْرَى، وَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَاوُ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ مُفَسَّرٌ، لِأَنَّهُ قَدِ -[٤٢٨]- انْفَصَلَ بِمَنْ هُوَ كَقَوْلِهِ الْأَفْضَلُ وَالْفُضْلَى، وَإِذَا جَاءَ مَعَهُ مُفَسَّرٌ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسُنَ وَجْهًا، فَيَكُونُ الْحُسْنُ لِلرَّجُلِ وَالْوَجْهِ، وَكَذَلِكَ كَبِيرُ عَقْلًا، وَمَا أَشْبَهَهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْأَخْسَرِينَ، لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى الْأَفْعَلِ وَالْأَفْعَلَةِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: الْأُولَاتُ دُخُولًا، وَالْآخِرَاتُ خُرُوجًا، فَصَارَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَسَائِرِ الْبَابِ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا يُقَاسُ