الْحَرْفَيْنِ عَلَى الصِّلَةِ لِلْوَلِيِّ، لِأَنَّ الْوَلِيَّ نِكَرَةٌ، وَأَنَّ زَكَرِيَّا إِنَّمَا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلِيًّا يَكُونُ بِهَذِهِ الصُّفَّةِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا أَنَّهُ سَأَلَهُ وَلِيًّا، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ لَهُ ذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ زَكَرِيَّا دُخُولًا فِي عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي قَدْ حَجَبَهُ اللَّهُ عَنْ خَلْقِهِ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ [مريم: ٦] يَقُولُ: وَاجْعَلْ يَا رَبِّ الْوَلِيَّ الَّذِي تَهَبُهُ لِي مَرْضِيًّا تَرْضَاهُ أَنْتَ وَيَرْضَاهُ عِبَادَكَ دِينًا وَخُلُقًا وَخَلْقًا. وَالرَّضِيُّ: فَعِيلٌ صُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَيْهِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِهِبَتِنَا لَكَ غُلَامًا اسْمُهُ يَحْيَى. كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ يَحْيَى لِإِحْيَائِهِ إِيَّاهُ بِالْإِيمَانِ
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى﴾ [مريم: ٧] عَبْدٌ أَحْيَاهُ اللَّهُ لِلْإِيمَانِ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٧] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ لَمْ تَلِدْ مِثْلَهُ عَاقِرٌ قَطُّ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، -[٤٦٢]- قَوْلُهُ لِيَحْيَى: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٧] يَقُولُ: لَمْ تَلِدِ الْعَوَاقِرُ مِثْلَهُ وَلَدًا قَطُّ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلِهِ مِثْلًا